قالوا : ومدرك صفة مقتضاة عن الحيية بشرط وجود المدرك ، وليست تلك مزايا زائدة هي صفات له تعالى كما يقوله منهم من نفى الصفة الأخص ، وكذا من يقول منهم بالتعلق ، بمعنى أن ذاته تسمى باعتبار التعلق بالمعلومات عالمة ، وبالمقدورات قادرة ، وليست تلك الصفات عدم صفة نقص كما يقوله البعض منهم ، وقد حكى عن بعضهم أنه مذهب الآل.
فإن قلت : فما هذه النعوت للجلال المقدس ، فإنه لا بد من اعتبار أمر فيها يصح إطلاقه على الله تعالى سوى ما أفاده الآخر ، وما الدليل على بطلان ما ذهب إليه من تقدم من المخالفين؟
قلنا : الأمر كذلك فإنه من حيث صح الفعل منه بغير واسطة سمّي قادرا ومن حيث صح منه الإحكام سمي عالما ، فاعتبار الأمر هو هذا كما يدل عليه قول علي ـ عليه
__________________
ـ أنهم سليمان بن جرير الإمامي وبعض أصحابه ، وليس هذا القول قول الكرامية كما نسبه إليهم بعضهم.
التاسع : أنها غير الله وأنها محدثة بعلم محدث ، وهو قول هشام بن الحكم ومن معه من الرافضة وجهم بن صفوان ومن معه من المجبرة.
العاشر : قول الباطنية أقماهم الله ، وهو في التحقيق خارج عن أقوال المنتمين إلى الإسلام ، وهو أنهم لا يصفونه جل وعلا بنفي ولا إثبات فلا يوصف عندهم بوجود ولا عدم.
واعلم : أن قول الآل ـ عليهمالسلام ـ أن صفاته ذاته عزوجل ، ليس المراد أن هناك ذاتا وصفة كما يتوهمه من لم يرسخ علمه في هذه الطريقة ، بل الذات المقدس وصفاته عزوجل عبارة عن شيء واحد بالحقيقة ، والتغاير إنما هو باعتبار المفهوم ، فعالم باعتبار تعلق الذات بالمعلومات من حيث كونها معلومات ، وقادر كذلك من حيث كونها مقدورات ، وهكذا سائرها ، فالتعدد حقيقة في متعلق الصفات لا في الصفات ، فليست إلا عبارة عن الذات ، ومرجع الكلام عند التحقيق إلى إثبات مدلولات الصفات وثمراتها وآثارها بالذات المقدس العلي ، لا بمعنى ولا لأمر ولا مزية ، وليس هذا كقول أبي الحسين فإنه يقول : الصفات أمور اعتبارية ، وهي التعلق ، وقدماء الآل ـ عليهمالسلام ـ يقولون : هي الذات من حيث التعلق لا التعلق نفسه ، وبينهما فرق واضح ، وعلى هذا فالمضاف هو المضاف إليه في قدرة الله وعلمه وجميع صفاته ، كما في وجهه ونفسه وذاته ونحو ذلك ، فلا معنى لاعتراض بعض الأئمة المتأخرين على إمام الأئمة الهادي إلى الحق المبين ـ عليهالسلام ـ ، وقد رد السيد الإمام المحقق المفتي صاحب البدر الساري ـ رضي الله عنه ـ وغيره ، ولو حقق النظر لما سطر ما سطر ، لكل جواد كبوة ، ولكل صارم هفوة ، انتهى ملخصا مع تقديم وتأخير وحذف ، وقد أطلنا الكلام لتمام الفائدة.