السّلام ـ : (الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين ، والباطن بجلال عزه عن فكر المتوهمين).
ولصعوبة هذا المقام قال مثبتوا المعاني ليست بعرض ، ولا هي هو ولا هي غيره ، وقال أهل المزايا : لا توصف بوجود ولا عدم ، ولا حدوث ولا قدم ، ولا هي شيء ولا لا شيء ، وأهل التعلق قالوا : المرجع بها إلى تعلق مخصوص من القادر والمقدور ، والعالم والمعلوم ، وصحة أن يقدر ويعلم في حي ، وهو قريب من كلام الآل ، فعرفت تلاشي الأقوال السالفة وأنها لا تكاد تعقل فضلا عن أن يحكم بها العقل.
قال بعض المحققين : وعندي في ذلك الوقف وهو ترك الخوض في تلك الصفات ، والكلام في حقائق تلك السمات ، لما ورد من النهي عن التفكر في الذات بالنص ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما رواه المتكلمون : «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لن تقدروا قدره» (١) ، وهذا يعم التفكر في ذاته وصفاته سواء جعلت تعبيرا أو غير ذلك على وجه التعمّق وإدراك الكنه.
وقال علي ـ عليهالسلام ـ : (من تفكر في غير الذات وحد ، ومن تفكر في الذات ألحد).
وقال ـ عليهالسلام ـ : (العقل آلة أعطيها العبد ؛ لاستعمال العبودية لا لإدراك الربوبية).
وكما قال بعض المحققين : إن العجز عن معرفة الله تعالى ذاتا وصفة ضروري ؛ لأن كلما لم نشاهد ولا مثل له في الشاهد استحال تصوره ، وما استحال تصوره أي العلم به تصورا استحال أن يعرف إلّا على جهة الإجمال ، وإن تصوره متصور من غير معرفة وقع في الخطأ.
واعلم أن أحدا لم ينب عن الله تعالى كما أنبأ صلىاللهعليهوآلهوسلم فارض به رائدا وإلى النجاة
__________________
(١) هو في مجمع الزوائد ، وفي تفسير ابن كثير ، وابن عدي في الضعفاء ، والطبراني في الأوسط وغيرهم.