بشبر نفسه.
وقال بعض الحشوية (١) : أنه سبيكة ملقاة فوق العرش ، وقال مقاتل بن سليمان (٢) وداود الجوزجاني (٣) : أنه على العرش كبعض ملوك البشر لحم ودم ، وقال بعضهم : أنه فضاء منبت والأجسام كلها فيه ، قالوا : وهو لا يحتاج إلى مكان ؛ لأنه مكان في نفسه.
وحكي عن بعض الحنابلة (٤) القول : بأنه جسم طويل عريض عميق وعليه جل أهل الحشو.
وقالت الثنوية (٥) : أنه نور لا يتناهى .. ، إلى غير ذلك من خرافات أهل الزيغ ـ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ـ (والدليل على ذلك) المذهب الصحيح ، وهو القول : أن الله تعالى لا يشبه الأشياء (أنه لو أشبهها لكان محدثا مثلها أو كانت قديمة مثله ، ولا يجوز أن يكون تعالى محدثا ولا أن الأشياء سواه قديمة) لما مر من الدليل على أنه تعالى ليس بمحدث ، والدليل على حدوث العالم (وهذه الدلالة مبنية على أصلين : أحدهما : أنه لو أشبهها لكان محدثا مثلها ، أو كانت قديمة مثله ، والثاني : أن ذلك لا يجوز ، أما) الأصل (الأول فالذي يدل عليه أن من حق المثلين أن يشتركا في وجوب ما يجب ، وجواز ما يجوز ، واستحالة ما يستحيل
__________________
(١) الحشوية : قال الشرفي في شرح الأساس الكبير : وأما الحشوية فلا مذهب لهم منفرد ، وأجمعوا على الجبر والتشبيه ، وجسموا وقالوا بالأعضاء ، ويسمّون أنفسهم بأهل الحديث.
(٢) قارئ ومحدث ، توفي سنة ١٥٠ ه وقيل بعد ذلك ، راجع الميزان.
(٣) (داود الجوزجاني). هكذا في الأصل ، والذي في كتب الرجال : داود الجواربي ، وقد ترجم له في لسان الميزان بأن قال : رأس في الرفض والتجسيم من مراقي جهنم ، وذكره محقق كتاب الانتصار للخياط ذكره في (ص ١٧٥) قال : قال السمعاني في كتاب الأنساب تحت نسبه : الهشامي ، بعد ذكر هشام بن سالم الجواليقي ومذهبه ، وعنه أخذ داود الجواربي قوله : أن معبوده له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية ، ا. ه. فأما أن يكون الجوزجاني غلط ، أو هو غير الجواربي فينظر.
(٤) الحنابلة : أتباع أحمد بن حنبل أحد الأئمة الأربعة إمام أهل الأثر ، ولد سنة ١٦٤ ه روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وأمم ، توفي سنة ٢٤١ ه وله سبع وسبعون سنة.
(٥) هم كل من أثبت مع الله إلها غيره ، وتطلق على من قال بإلهين : إله خير وإله شر ، وهم فرق كثيرة.