فيما يكون وجوبه وجوازه ، واستحالته راجعة إلى ذاته) كالقدم والحدوث مثلا بخلاف ما كان راجعا إلى العوارض للجسم ، كالسواد والبياض فلا يقدح في صحة تماثلها يكون بعضها أسود وبعضها أبيض ، وبعضها يصح حلول الحياة فيه ونحو ذلك ؛ لأن هذه عوارض للجسم غير واجبة له وعدم الاشتراك في العوارض لا يوجب المخالفة ، وكذلك وجوب القادرية عند وجود القدرة واستحالة الحياة عند فقد البنية ، إذ مثل هذه راجعة إلى غير الذات ، (ألا ترى أن الجوهرين لما كانا مثلين اشتركا في وجوب ما يجب لهما من التحيز والشغل للجهات ، وجواز ما يجوز عليهما من التنقل في الأمكنة ، واستحالة ما يستحيل عليهما من الكون في جهتين في وقت واحد ، وإنما وجب لكونهما مثلين ، ولهذا لم يجب في الجوهر والعرض لمّا لم يكونا مثلين) لا يقال : إن الجوهرية تقتضي القدم في حقه دوننا ؛ لأنا نقول : إما أن تقتضيه لا بشرط فيجب أن تقتضيه لنا أو إما أن تقتضيه بشرط فكان يصح حصوله لنا ؛ إذ لا يصح حصول المقتضي ويستحيل شرط الاقتضاء على الإطلاق (فثبت بما ذكر) الأصل (الأول) وهو أنه يلزم أن يكون تعالى محدثا كالأشياء ، أو أن تكون قديمة كالباري عند ادعاء المشابهة بينهما.
(وأما الأصل الثاني) وهو كونه تعالى محدثا كالأشياء ، أو هي قديمة مثله (فهو معلوم انتفاؤه) بما تقدم من كون الباري تعالى قديما ، إذ قد أقمنا عليه البرهان القطعي فلا يثبت كونه محدثا كالأشياء ، ومن كون هذه الأجسام والأعراض محدثة ، وقد بينا دليله القطعي فلا تثبت كونها قديمة ، وإذا علمنا التخالف بالأدلة القطعية لم يصح دعوى المشابهة بينهما في حال من الأحوال.
فإن قيل : لا مانع من دعوى أن يقال هو قديم محدث أو هي قديمة محدثة.
قلنا : ذلك معلوم الانتفاء (ضرورة ؛ إذ اجتماع النقيضين مستحيل تقتضيه فطرة العقول) وهذا الدليل من جهة العقل ، وأما الدليل من جهة السمع فلا شك أن