بأن يكون ممن ينكر ذلك أو يجهله (والدليل على ذلك) المذهب الصحيح ، وهو مذهب العدلية (أن المجازاة) بالثواب والعقاب (لمن لا يستحقها قبيح ، والله تعالى لا يفعل القبيح ، أما الدليل على أنه لا يثيب أحدا إلا بعمله فهو أن الثواب يتضمن التعظيم).
قال الشارح المحقق : لا يخفى ما في هذه العبارة من الركة ؛ لأن الاشتغال بإبانة أن الثواب لمن لا يستحقه قبيح ، وفي تصدير الكلام في قوله : أما الدليل على أنه لا يثيب أحدا إلا بعمله رجوع إلى نفس المسألة لا إلى الاستدلال على أصلها المبنية عليه هي ، وإنما قلنا : يتضمن التعظيم ؛ لأن حقيقته المنافع المستحقة على جهة التعظيم ، (و) معلوم قطعا (أن تعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح) ، دليله ما نعلمه في الشاهد (ألا ترى أنه يقبح من الواحد منا تعظيم البهائم كتعظيم الأنبياء وتعظيم الأجانب كتعظيم الوالدين) وأن من أهان وليه وأعز عدوه فلا شك في سخافته ، (وإنما قبح ذلك ؛ لكونه تعظيم من لا يستحق التعظيم) ، إذ لا نجد ما يتعلق الحكم به أولى فثبت أنها هي العلة ، وإذا ثبت ذلك لزم أن إثابة الباري من لا يستحق الثواب قبيحة وقد قدمنا أن الله لا يفعل القبيح كما بيّناه.
(وأما الدليل على أنه لا يعاقب أحدا إلا بذنبه ، فلأن عقاب من لا يستحق العقاب يكون ضررا عاريا عن جلب نفع ، أو دفع ضرر أو استحقاق ، وهذه حقيقة الظلم) والعقاب هي المضار المستحقة على جهة الإهانة.
قال الدواري : الأجود في حقيقة الظلم أن يقال : هو الضرر العاري عن استحقاق ، أو جلب منفعة أو دفع مضرة ، أو الضرر الذي لا يعرى عنها أو عن أحدها ، ولم يقض الشرع أو العقل بحسن ذلك الضرر ، أو العاري عن ظن جلب النفع أو دفع الضرر ، أو الذي لا يعرى عن ظن ذلك ، ولم يكن فعله حسنا ولا يكون في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر.
وقال أيضا : وأوجز من هذه الحقيقة ما ذكره المؤيد بالله والحاكم في حقيقة الظلم