الثابتة الخلابة ، وعند إحساس لذاتها ، تصبح اللذائذ الأخرى حقيرة في نظره ، وبالتالي تجعله ينصرف عن الحياة الفاتنة الفانية.
هذا هو مدى جاذبية العرفان ، التي تسلك بالمؤمن إلى العالم العلوي ، وتقرّ في قلبه عظمة الله وجلاله ، فينسى كل شيء ، ويغفل عن كل شيء ، فتحرضه هذه الجاذبية على أن ينبذ كل ما يتمناه ويرجوه في هذه الحياة ، وتدعوه إلى عبادة الله الذي لا يرى ، وهو أوضح من كل ما يرى ويسمع.
وفي الحقيقة أن هذه الجاذبية الباطنية ، هي التي قد أوجدت في الإنسان ، سبل عبادة الله تعالى. والعارف هو الذي يعبد الله سبحانه عن حبّ وإخلاص ، لا عن طلب للثواب ولا عن خوف ورهبة من العذاب. من هنا يتضح أن العرفان ليس مذهبا في قبال المذاهب الأخرى ، بل أن العرفان طريق من طرق العبادة (عبادة الحب والإخلاص ، لا للخوف والرجاء) وهو طريق لإدراك وفهم حقائق الدين ، في قبال طريق الظواهر الدينية وطريق التفكر العقلي.
ظهور العرفان في الإسلام
من بين صحابة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم (وقد جاء ذكر ما يقارب من اثني عشر ألفا منهم في كتب الرجال) ينفرد الإمام علي عليهالسلام ببيانه البليغ عن حقائق العرفان ، ومراحل الحياة المعنوية ، إذ يحتوي على الذخائر الجمّة ، ما لم نجد مثليه في الآثار التي بين