ظاهر القرآن وباطنه
اتّضح أن القرآن الكريم بألفاظه وبيانه ، يوضّح الأغراض الدينية ، ويعطي الأحكام اللازمة للناس في الاعتقادات والعمل بها ، ولكن لا تنحصر أغراض القرآن بهذه المرحلة ، فإن في كنه هذه الألفاظ وهذه الأغراض ، تستقرّ مرحلة معنوية ، وأغراض أكثر عمقا ، والذي يدركه الخواص بقلوبهم الطاهرة المنزّهة.
فالنبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو المعلّم الإلهي للقرآن يقول : «ظاهره أنيق وباطنه عميق» (١) ويقول أيضا «للقرآن بطن وظهر ولبطنه بطن ، إلى سبعة بطون» (٢) ، وقد ورد الكثير عن باطن القرآن ، في أقوال أهل البيت عليهمالسلام (٣).
فالأصل في هذه الروايات ، هو التشبيه الذي قد ذكره الله تعالى في سورة الرعد الآية ١٧. والذي يشبّه فيه الإفاضات السماوية بالمطر الذي يهطل من السماء يقول سبحانه وتعالى :
(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ* كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ* فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) (٤).
__________________
(١) تفسير الصافي ص ٤.
(٢) سفينة البحار / تفسير الصافي ص ١٥ / الكافي / تفسير العياشي / معاني الأخبار / وروايات أخرى.
(٣) البحار ج ١ : ١١٧.
(٤) سورة الرعد الآية ١٧.