الإمامة وخلافة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحكومة الإسلامية
إن الإنسان بما يمتاز به من مواهب إلهية ، يدرك جيدا ومن دون تردّد ، إن أي مجتمع متآلف ، في أيّة بقعة أو مملكة أو مدينة أو قرية أو قبيلة ، وحتى في بيت واحد يتألف من عدة أفراد ، لن يستطيع أن يعيش ويستمرّ في حياته دون قائد أو ناظر عليه ، فهو الذي يجعل الحياة نابضة ، يحرّك عجلات اقتصادها ، يحفّز كل فرد من أفراد المجتمع لإنجاز وظيفته الاجتماعية. فالمجتمع الفاقد لقائد ، لا يستطيع أن يستمر في حياته ، وفي أقل فترة ينهار قوامه ، ويسير نحو الهمجية والتحلل الخلقي.
فعلى هذا ، الشخص الذي يتولى قيادة مجتمع (سواء أكان كبيرا أم صغيرا) ويعير اهتماما لمنصبه ومقامه ، ويبدي عنايته لبقاء ذلك المجتمع ، نجده يعيّن خلفا له فيما لو أراد أن يغيب عن محل عمله (سواء أكانت الغيبة مؤقتة أم دائمة) ولا يتخلى عن مقامه ما لم يعين أحدا ، ولا يترك بلاده ، أو بقعته دون ناظر أو حارس عليها أو قائد لها ، لأنه يعلم جيدا ، أنّ غضّ النظر عن هذه المهمة وعدم استخلاف أحد ، يؤدّي بمجتمعه إلى الزوال والاضمحلال ، كما لو أراد ربّ البيت أن يسافر عدة أيام أو أشهر ، فإنه يختار أحد أفراد أسرته (أو غيرهم) مكانه ، ويلقي إليه مقاليد الإدارة في البيت ، وهكذا الرئيس لمؤسسة أو المدير لمدرسة ، أو التاجر لمحله ، وهو يشرف على موظفين أو صنّاع يعملون تحت أمرته ، فلو قدر أن يترك محل عمله لساعات قليلة فإنه يختار أحدهم ويعيّنه مكانه ، كي يتسنّى للآخرين الرجوع إليه ، في المشكلات أو المعضلات ، وقس على هذا ...