القانون الذي قوامه العقل ، والذي لو قدّر له أن يخرج إلى حيّز الوجود لفهمته البشرية في حياتها الطويلة بما تمتاز به من تعقّل وتدبّر ، ولكانت التزمت به في مجتمعاتها.
وبعبارة أوضح ، لو كان هناك قانون كامل عام ، بحيث يستجيب لما تصبوا إليه البشرية من سعادة ، ويرشدها إليه من حيث الفطرة والتكوين ، لأدركه كل إنسان بما لديه من إمكانات عقلية ، كما يدرك ما ينفعه أو يضرّه ، ولكن مثل هذا القانون لم يتحقق بعد.
والقوانين التي توضع من قبل شخص حاكم أو أشخاص ، أو جوامع بشرية ، نجدها مورد احترام وتصديق لدى فئة ، ومورد رفض واعتراض لدى آخرين وهناك من اطلع عليها وعرفها ، وآخرون لم يطّلعوا. ولن تجد وجه اشتراك في المجتمعات البشرية ـ بما أنهم يشتركون في كونهم بشر ، ويتصفون بالفطرة الإلهيّة ـ في إدراك هذه القوانين.
الشعور المرموز ، أو ما يسمى. (الوحي)
ومما تقدم يتّضح ، أن القانون الذي يضمن السعادة للبشرية ، لا يدركه العقل ، وبمقتضى نظرية الهداية العامة ، التي ترى ضرورة هذا الإدراك في النوع البشري ، لا بدّ من وجود جهاز آخر في النوع الإنساني يدرك ذلك ، كي يرشده إلى الواجبات الواقعية للحياة ، وتكون في متناول يد الجميع ، وهذا الشعور والإدراك هو غير العقل والحسّ ، إنه ما يسمى ب «الوحي» ومن الطبيعي أن وجود مثل هذه القوة في البشر لا يتحتّم أن يكون في جميع أفراد