إن هذه الأمور ونظائرها ، أدّت بشيعة عليّ إلى أن يقفوا موقفا أكثر وعيا وأرسخ عقيدة ، وأشد نشاطا ، ولما كان علي عليهالسلام بعيدا عن ذلك المقام الذي يجعله مشرفا على التربية العامة للناس ، انصرف إلى تربية الخاصة من شيعته وأنصاره.
انتهاء الخلافة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وسيرته
بدأت خلافة علي عليهالسلام في أواخر سنة خمس وثلاثين للهجرة ، واستمرت حوالى أربع سنوات وتسعة أشهر ، وكان في سيرته مماثلا لسيرة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ، أعاد معظم المسائل التي حدثت في زمن الخلفاء السابقين إلى حالتها الأولى ، وعزل الولاة غير الكفوءين (٢). وفي الحقيقة ، أحدث انتفاضة ثورية ، كانت تنطوي على مشاكل متعددة.
والإمام علي عليهالسلام في الأيام الأولى من خلافته وقف مخاطبا الناس قائلا : «ألا وإنّ بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم والذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، ولتغربلنّ غربلة ولتساطنّ سوط القدر ، حتى يعود أسفلكم أعلاكم ، وليسبقنّ سابقون كانوا قصروا ، وليقصرنّ سبّاقون كانوا سبقوا» (٣).
__________________
ـ جمعه للقرآن ، ويروى أيضا أن عليا بعد انتهائه من جمع القرآن ، حمل القرآن على ناقة وجاء به إلى الناس ويروى أيضا ، أن معركة اليمامة كانت في السنة الثانية من خلافة أبي بكر ، وبعد انتهاء المعركة جمع القرآن ، كل هذه تشير إليها كتب التاريخ والحديث التي تعرضت لموضوع جمع القرآن.
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٥٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٥٥ / مروج الذهب ج ٢ : ٣٦٤.
(٣) نهج البلاغة خطبة رقم ١٥.