الرؤية والإبصار ، فإن العلل الموجودة لها في الإنسان (والذي هو جزء منها) لم تحقق إبصارا من دون قيد أو شرط ، بل تحقق إبصارا معينا من كل جهة ، بواسطة الوسائل اللازمة له ، وهذه الحقيقة سارية في كل ظواهر الطبيعة ، والحوادث التي تتفق فيها لا تتخلف.
والقرآن الكريم يسمّي هذه الحقيقة ب «القدر» وينسبها إلى خالق الكون ومصدر الوجود ، بقوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١).
ويقول : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢).
وكما أن كل ظاهرة وحادثة في نظم الخلقة تعتبر ضرورية الوجود وفقا للقضاء الإلهي ، ويتحتم وجودها ، فكذلك وفقا للقدر فإن كل ظاهرة أو حادثة عند تحققها لا تتخلف عن المقدار المعيّن لها من قبل الله تعالى.
الإنسان والاختيار
كل ما يقوم به الإنسان من فعل ، يعتبر ظاهرة من ظواهر عالم الخلقة ، ويرتبط تحققه كسائر الظواهر بالعلة ارتباطا كاملا ، وبما أن الإنسان هو جزء من عالم الخلقة ، ويرتبط مع سائر الأجزاء الأخرى من العالم ، فإنها بدورها تؤثر في أفعال الإنسان.
__________________
(١) سورة القمر الآية ٤٩.
(٢) سورة الحجر الآية ٢١ ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : إن الله إذا أراد شيئا قدّره وإذا قضاه أمضاه. البحار ج ٣ : ٣٥.