فالشيعة خلال هذه القرون الخمسة ، كانوا في ازدياد من حيث النفوس والعدد ، وكانت الزيادة تابعة لموافقة ومخالفة السلاطين من حيث القدرة والحرية الفكرية. ولم يعلن في هذه الفترة في أية دولة إسلامية مذهب التشيّع ، مذهبا رسميا لها.
الشيعة في القرن العاشر والحادي عشر للهجرة
نهض شاب في سنة ٩٠٦ للهجرة ، وهو في الثالثة عشرة من عمره ، من عائلة «الشيخ صفي الدين الأردبيلي» المتوفي سنة ٧٣٥ ه. وكان من أحد مشايخ الطريقة في الشيعة ، نهض مع ثلاثمائة من الدراويش الذين كانوا من مريدي آبائه ، وذلك لإيجاد دولة شيعية مستقلة ومقتدرة ، فسار من مدينة «أردبيل» وشرع بفتح البقاع وإزالة نظام ملوك الطوائف في إيران ، وبعد حروب دامية مع الملوك المحليّين وخاصة مع ملوك «آل عثمان» الذين كانوا ينوبون عن الإمبراطورية العثمانية ، استطاع أن يجعل من إيران دولة موحّدة بعد أن كانت ممزقة ، يحكم كل بقعة منها فئة خاصة ، وجعل المذهب الشيعي ، مذهبا رسميا لها (١).
وبعد وفاة الملك «إسماعيل الصفوي» أعقبه ملوك آخرون من السلالة ذاتها ، حتى منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، وكل من هؤلاء الملوك كان يؤيد المذهب الشيعي ، ففي زمن «الشاه عباس الكبير» والذي يعتبر ذروة القدرة لهذه السلالة ، استطاع أن يوسّع
__________________
(١) روضة الصفا وحبيب السير وغيرهما.