وقوله تعالى أيضا : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (١).
إذا إحدى طرق استيعاب المعارف الإلهية وإدراكها هي تهذيب النفس والإخلاص في العبودية.
الاختلاف بين هذه الطرق الثلاثة
اتّضح مما سبق ، إن القرآن الكريم يعرض ثلاثة طرق لفهم المعارف الدينيّة : الظواهر الدينية والعقل. والإخلاص في العبودية ، والذي مؤدّاه انكشاف الحقائق. والمشاهدة الباطنية لها ، ولكن يجب أن نعلم أن هذه الطرق الثلاثة ، تتفاوت فيما بينها من جهات عدة :
الأولى : إن الظواهر الدينية بيانات لفظية ، تستفاد من أبسط الألفاظ ، وهي في متناول أيدي الناس ، وكلّ يستفيد (٢) منها حسب قدرته وفهمه واستيعابه ، على خلاف الطريقين الآخرين ، إذ يختصان بجماعة خاصة ، ولم يكونا لعامة الناس.
الثانية : إن العقل هو الطريق الموصل إلى أصول المعارف الإسلامية وفروعها ، ومنه يمكن الحصول على المسائل الاعتقادية والأخلاقية ، وكذا الكليّات للمسائل العملية (فروع الدين) ، ولكن جزئيات الأحكام ومصالحها الخاصة بها لم تكن في متناول
__________________
(١) سورة التكاثر الآيتان (٥ ـ ٦) يستفاد من الآية أن علم اليقين موروث لمشاهدة عاقبة حالة الأشقياء وهو الجحيم (جهنم).
(٢) ومن هنا يتضح لنا قول النبي الأكرم (ص) في رواية ينقلها العامة والخاصة : «إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم» البحار ج ١ : ٣٦.