الشيعة ومتكلموهم هذه الحرية الفكرية ، فلم يتوانوا في النشاط العلمي ، ونشر مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
ثانيا : منح المأمون الإمام الثامن ولاية عهده بمقتضى سياسته ، فأصبح الشيعة ومحبو أهل البيت ، بعيدين عن التعرض إلى حدّ ما من قبل الولاة ـ وأصحاب المناصب ، وأصبحوا يتمتعون بشيء من الحرية ، إلا أن الفترة هذه لم تدم كثيرا ، فتعرّض الشيعة بعدها للملاحقة الشديدة ، والقتل والتشريد ، وعادت السنّة التي كانت سائدة ، وخاصة في زمن المتوكّل العباسي (٢٣٢ ـ ٢٤٧ للهجرة) ، إذ كان يعادي عليا وشيعته عداء خاصا ، وهو الذي أمر بهدم مرقد الإمام الحسين عليهالسلام ثالث أئمة الشيعة في كربلاء (١).
الشيعة في القرن الرابع للهجرة
ظهرت عوامل في القرن الرابع الهجري ، ساعدت على انتشار مذهب التشيع وتقويته ، منها ضعف الخلافة العباسية ، وظهور ملوك آل بويه.
كان لملوك آل بويه ، وهم شيعة ، التأثير البالغ في مركز الخلافة ببغداد ، وكذا في الخليفة (٢) ، وهذه القدرة جعلت الشيعة يقفون أمام المخالفين ، الذين طالما حاربوا الشيعة ، وتمكن الشيعة أن ينشروا عقائدهم بكل حرية.
والمؤرخون متفقون على أن الجزيرة العربية ، أو معظمها ، كانت
__________________
(١) تاريخ أبي الفداء ، وكتب التاريخ الأخرى.
(٢) يراجع كتب التاريخ.