الذات والصفات
لو نظرنا إلى الإنسان مثلا من زاوية العقل ، سنرى له ذاتا ، وهذه الذّات هي عين إنسانيته الخاصة به ، ويمتاز بصفات أيضا ، وهذه الصفات التي تعرّف كنه ذاته ، فمثلا أنه ابن لفلان ، عالم قادر ، طويل ، جميل ، أو صفات أخرى مغايرة.
فبعض هذه الصفات ، كالأولى ، لا تنفصل عن الذّات ، وبعضها الآخر ، كالعلم مثلا ، يمكن أن تنفصل عن الذّات أو تتغير ، وعلى أية حال ، فإن كلا من هذه الصفات ، ليست بالذّات ، كما أن كلّ واحدة منها غير الأخرى.
وهذا الموضوع (الذّات مغايرة للصّفات ، والصّفات تختلف فيما بينها) خير دليل على أن الذّات التي تتصف بصفة ، والصفة التي تعيّن وتعرّف الذّات ، كلاهما محدودتان ومتناهيتان ، لأن الذّات إذا كانت غير محدودة وغير متناهية ، لكانت تشمل الصفات وكذا الصفات كانت كل واحدة منها تشتمل على الأخرى ، فتصبح في النتيجة كلها شيئا واحدا ، فمثلا لو كانت الذّات الإنسانية هذه
__________________
ـ لأنه تشبيه وجلّ ربنا تعالى عن ذلك. وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربنا ، وقول القائل إنه عزوجل أحديّ المعنى يعني به أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عزوجل. بحار الأنوار ج ٢ : ٦٥.
ويقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : معرفته (الله) عين ذاته ، أي أن إثبات وجود الله تعالى ، وهو وجود غير متناه وغير محدود ، كاف في إثبات وحدانية ، لأن الثاني لا يتصور لغير المتناهي.