وحدانية الله تعالى
كل واقعية من واقعيات العالم ، تعتبر واقعية محدودة ، أي أنها تتمتع بالوجود على «فرض وجود السبب والشرط» ، وتعتبر أيضا وفقا لغرض عدم السبب والشرط» عدما ، ولحقيقة وجودها حدّ محدود ، إذ لا توجد خارج ذلك الحدّ ، فالله جلّ شأنه هو المنزّه عن الحدّ والمحدودية لأن واقعيته مطلقة ، فهو موجود بأيّ تقدير ، ولم يكن محتاجا لأيّ سبب وشرط ولا مرتبطا بأيّة علة.
ولا يسعنا أن نفترض عددا لأمر غير محدود وغير متناه ، فإذا ما افترض ثان ، فإنه غير الأول ، وفي النتيجة ، الاثنان محدودان متناهيان.
وسيضع كل منهما حدا فاصلا للآخر ، فلو افترضنا على سبيل المثال حجما غير محدود وغير متناه ، لا يسعنا افتراض حجم آخر إزاءه ، ولو قدّر أن افترضنا هذا فإن الثاني هو الأول ، فعلى هذا ، فإن الله تعالى أحد لا شريك له (١) ...
__________________
(١) يروى أن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد ، فحمل الناس عليه وقالوا : أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ، ثم قال : يا أعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام ، فوجهان منها لا يجوزان على الله عزوجل ، ووجهان يثبتان فيه ، فأما اللذان لا يجوزان عليه ، فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز ، لأن ما لا ثاني له يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنه كفر من قال إنه ثالث ثلاثة ، وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع والجنس فهذا ما لا يجوز ، ـ