والاستثناء ، كل هذا قد جاء دون حساب ، وإنما مجرد المصادفة هي التي لعبت دورها في خلقه وإيجاده؟ أم أنّ كلا من هذه الظواهر سواء الصغيرة منها أو الكبيرة في العالم ، قد اتخذت لها نهجا قبل حدوثها وخلقتها ، وبعد أن وجدت سلكت ذلك السبيل والنهج؟
أم أن هذا الكون مع وحدته الكاملة الشاملة ، والاتصال والارتباط القائم فيما بينها ، فهو لا يعدو مجموعة واحدة متكاملة ، قد أنشئت وخلقت نتيجة لعوامل متعددة مختلفة ، ويسير وفقا لقوانين متباينة؟
من الطبيعي أن الشخص الذي يرجع كل ظاهرة لمسبب وكل معلول لعلة ، فإنه عند مشاهدة عدة أحجار بصورة منتظمة ومنسقة ، ينسبها مباشرة إلى علم وقدرة قامت بصنعها ، وبذلك ينفي المصادفة مطلقا ، ويحكم بوجود تخطيط هادف ، ولا يدّعي أن المصادفة هي التي أوجدت هذا النظام والتنسيق.
لذا فإن الكون ، بما فيه من أنظمة مهيمنة ، مخلوقة لخالق عظيم ، هو الذي أوجدها بعلمه وقدرته غير المتناهية ، ويسيّرها إلى الغاية. وما العوامل البسيطة التي تنشئ الحوادث البسيطة ، في العالم إلّا منتهية إليه ، فهي تحت قدرته وهيمنته وتسخيره ، وكل ما في الكون محتاج إليه ، وهو غير محتاج لأحد أو لشيء ، ولم يكن معلولا لعلة ، ولا سببا لمسبب.