ومن الطبيعي أنه إذا كان الأمر يستحيل تحققه على البشرية ، ولم يكن مفروضا عليها ، لما كانت تهدف إليه دوما (١).
والله جل شأنه يشير إلى حقيقة المجتمع البشري بقوله : (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) (٢).
وقد أشار الذكر الحكيم إلى حبّ النفس والأنانيّة بقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) (٣).
العقل والقانون
لو تأملنا جيدا ، لرأينا أن القانون الذي ما برح البشر ينتظرونه ، ويطلبونه مع ما لديهم من إدراك فطري إلهي ، وإدراك للزوم إجرائه كي يضمن لهم سعادتهم ، هو القانون الذي يستطيع أن يسيّر البشرية إلى السعادة دون انحياز أو تبعيض وأن ينشر بينها الكمال ، ويرسي قواعده. ومن البديهي بأن البشرية لم تدرك حتى الآن طوال أجيال متعاقبة مضت من حياة البشرية ، مثل هذا
__________________
(١) ترغب البشرية عادة وحتى الشعوب البدائية ، حسب طبعها في أن يعيش الجميع في جو ملؤه الصلح والراحة والاطمئنان. ومن الوجهة الفلسفية ، فإن الطلب والميل والرغبة ما هي إلا أوصاف وارتباطات قائمة على طرفين ، كالطالب والمطلوب ، والمحبّ والمحبوب و.... وواضح أن لم يكن هناك محبوب ، فالكلام عن المحبّ عبث.
وصفوة القول إن الأمور هذه ترجع إلى إدراك نقص في الوجود الإنسانى ، فإذا تعذر الكمال ، لم يكن هناك معنى للنقص.
(٢) سورة الزخرف الآية ٣٢.
(٣) سورة المعارج الآية ١٩ ـ ٢١.