نوعه الذين يتصفون بالغرائز ذاتها ، بما فيها حبّ الذّات والحرية. فتفرض عليه طبيعة المجتمع أن يضحّي بقسط من حريته في هذا السبيل مقابل المنافع التي يحصل عليها من الآخرين ، فهو يقدم خدمة ، وينتفع بما يقدمه الآخرون من خدمات ، أي أنه يتقبل ، رغما عنه ، الحياة الاجتماعية التي تتصف بالتعاون.
وهذه الحقيقة تظهر جليّة لدى الأطفال والفتيان ، إذ هم في البداية ، يحققون ما تصبو إليه نفوسهم بالرفض تارة والبكاء تارة أخرى. فيرفضون كل قانون أو عادة أو ما شاكل ذلك ، ولكن مع مرور الوقت ، وحسب تطورهم الفكري يدركون أن الحياة لا تتلاءم مع الرفض والطغيان ، فيمارسون ما يمارسه الفرد في المجتمع بشكل تدريجي ، حتى يصلوا إلى ما يصل إليه الفرد في مجتمعه ، من اتّباع العادات والسنن والقانون ، فهم بعد نضوجهم يألفون المجتمع.
والإنسان بعد تقبله الحياة الاجتماعية التي قوامها التعاون ، يرى ضرورة القانون الحاكم على الحياة ، وهو الذي يعيّن واجبات كل فرد من أفراد المجتمع ، ويضع الجزاء لكل من يخالف القانون ، فإذا عمّ القانون وساد المجتمع ، عندئذ ينال كل فرد من أفراد المجتمع السعادة المطلوبة ، التي طالما تمناها.
هذا القانون هو القانون العملي الذي ما برح البشر منذ نشأتهم وإلى يومنا هذا يرجونه ويرغبون في الوصول إليه ، وطالما كانوا يستلهمون منه أهدافهم وأغراضهم ، ويسعون لتحقيقها ،