(صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١).
يوم القيامة. المعاد
ينفرد القرآن الكريم بين الكتب السماوية ، بالتحدث عن المعاد والحشر تفصيلا ، في حين أن «التوراة» لم يشر إلى هذا اليوم وهذا الموقف ، وكتاب «الإنجيل» يشير إليه إشارة مختصرة ، فإن القرآن يذكره ويذكّر به في مئات الموارد ، وبأسماء شتّى ، ويشرح العاقبة التي تنتظر العالم والبشرية ، تارة باختصار وأخرى بإسهاب.
ويذكّر مرارا أنّ الاعتقاد بيوم الجزاء (يوم القيامة) يعادل الاعتقاد بالله تعالى ، ويعتبر أحد الأصول الثلاثة للإسلام ومنكره (منكر المعاد) ، خارج عن شريعة الإسلام وما عاقبته إلّا الهلاك والخسران.
وحقيقة الأمر هكذا ، بأنه إذا لم تكن هناك محاسبة وجزاء وعقاب ، فإن الدعوة الدينية بما تحتوي من أوامر الله ونواهيه ، لم يكن لها أدنى فائدة أو أثر ، وأن وجود النبوة والإبلاغ وعدمه سواء ، بل يرجّح عدمه على وجوده ، لأن تقبل الدين واتباع موازين الشرع ، لا يخلو من تكلّف وسلب للحريّة ، وإذا لم يكن اتباع الدين له أثر أو نتيجة ، لن يتحمّل الناس هذا العبء وهذه المسئولية ، ولن يتخلوا عن الحرية الطبيعيّة.
__________________
(١) سورة المؤمنون الآية ٩٩ ـ ١٠٠.