الإمامة في باطن الأعمال
كما أن الإمام قائد وزعيم للأمة بالنسبة للظاهر من الأعمال ، فهو قائد وزعيم بالنسبة للباطن من الاعتقادات والأعمال أيضا ، فهو الهادي والقائد للإنسانية من الناحية المعنويّة نحو خالق الكون وموجده.
لكي تتضح هذه الحقيقة لا بدّ من مراعاة المقدمتين التاليتين :
أولا : ليس هناك من شك أو تردد في أن الإسلام وسائر الأديان السماوية ، تصرّح بأن الطريق الوحيد لسعادة الإنسان أو شقائه هو ما يقوم به من أعمال حسنة أو سيئة ، فالدّين يرشده ، كما أن فطرته وهي الفطرة الإلهية تهديه إلى إدراك الحسن والقبيح.
فالله سبحانه يبيّن هذه الأعمال عن طريق الوحي والنبوة ، ووفقا لسعة فكرنا نحن البشر ، وبلغة نفهمها ونعيها ، بصورة الأمر والنهي والتحسين والتقبيح في قبال الطاعة أو التمرد والعصيان ، يبشر الصالحين والمطيعين بحياة سعيدة خالدة ، وقد احتوت على كل ما تصبو إليه البشرية من حيث الكمال والسعادة ، وينذر المسيئين والظالمين بحياة شقيّة خالدة ، وقد انطوت على البؤس والحرمان.
وليس هناك أدنى شكّ من أن الله تعالى يفوق تصورنا وما يجول في أذهاننا ولكنه لا يتصف بصفة البشر من حيث التفكير.
وليس لهذه الاتفاقية أن يكون هناك سيّد ومسود وقائد ومقود ، وأمر ونهي وثواب وعقاب واقع خارجي سوى في حياتنا