استمر الإمام علي عليهالسلام في حكومته الثورية ، فرفعت أعلام المعارضة من قبل المخالفين ، كما هي طبيعة الحال في كل ثورة ، إذ لا بدّ من مناوئين ، يرون مصالحهم في خطر ، فأحدثوا حربا داخلية دامية ، بحجة الأخذ بثأر دم عثمان والتي استمرت طوال خلافة الإمام علي عليهالسلام تقريبا. ويعتقد الشيعة أن المسببين لهذه الحروب لم يريدوا سوى منافعهم الخاصة ، ولم يكن الثأر بدم عثمان إلا ذريعة يتمسكون بها ، ليحرّضوا عوام الناس للمعارضة والنهوض ضد إمام الأمة وخليفتها ، إذ أن هذه المعارضة لم تحدث عن سوء تفاهم (١).
وما الأسباب والدوافع التي خلقت معركة الجمل إلّا غائلة الاختلاف الطبقي ، والتي وجدت في زمن الخليفة الثاني أثر توزيع الأموال من بيت المال بطرق متباينة ، وبعد خلافة علي عليهالسلام كانت
__________________
(١) بعد وفاة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم امتنع جمع قليل من شيعة علي من البيعة وكان في مقدمتهم من الصحابة سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار ، وفي أوائل خلافة علي عليهالسلام امتنع من البيعة جماعة ، مثل سعيد بن العاص والوليد بن عقبة ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص وبسر بن أرطاة وسمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة وغيرهم.
وعند دراسة حياة هذين الفريقين ، والتأمل في أعمالهم طوال حياتهم ، وما احتفظ به التاريخ من قصص ، يتضح جليا كنه شخصيتهم وأهدافهم ، فالفريق الأول كان من أصحاب النبي الأكرم (CS (المقربين ، واشتهروا بزهدهم وعبادتهم وتضحيتهم للإسلام ، قال رسول الله (ص) : إن الله أمرني بحبّ أربعة وأخبرني أنه يحبّهم ، قيل يا رسول الله من هم ، قال : عليّ منهم (قال ذلك ثلاثا) وأبو ذر وسلمان والمقداد.
سنن ابن ماجه ج ١ : ٥٣.
عن عائشة قالت : قال رسول الله (ص) : ما عرض على عمار أمران إلا اختار الأرشد منهما. سنن ابن ماجة ج ١ : ٥٢.