الأموال توزع بين الناس بالسويّة (١) ، كما كان يفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته ، والطريقة هذه أثارت غضب «الزبير» و «طلحة» فتمردا ، وخرجا من المدينة إلى مكة بحجّة الحجّ ، فاتفقا مع أمّ المؤمنين (عائشة) التي كانت في مكة ، ولم يكن بينها وبين عليّ صفاء ومودة ، أن يطالبوا بدم عثمان ، فأضرموا نار الحرب (٢).
علما بأن «طلحة» و «الزبير» كانا في المدينة عند ما حوصرت دار الخليفة الثالث ، فلم يدافعا عنه ، ولم ينصراه (٣) ، وبعد مقتله ، كانا من الأوائل الذين بايعوا عليا أصالة عن أنفسهم ونيابة عن المهاجرين (٤).
وأما أمّ المؤمنين «عائشة» فقد كانت ممن حرّضوا الناس على قتل الخليفة الثالث (٥) ، وعند ما سمعت نبأ مقتله لأول مرة ، قالت : بعدا وسحقا ، وفي الحقيقة أن المسببين الأصليين لمقتل الخليفة كانوا من الصحابة ، وذلك بإرسال الرسائل إلى البلدان لغرض إثارة الناس على الخليفة.
وأما السبب الذي أحدث حرب صفين ، والتي استمرت سنة ونصف السنة ، فهو طمع معاوية في الخلافة ، فأجّج نارها متذرعا بدم عثمان ، فأريقت الدماء ، وقتل ما يقارب من مائة ألف ، وكان موقف معاوية من هذه الحرب موقف المهاجم ، وليس موقف المدافع ، لأن الثأر لا يكون دفاعا.
__________________
(١) مروج الذهب ج ٢ : ٣٦٢ / نهج البلاغة ، خطبة رقم ١٢٢ / اليعقوبي ٢ : ١٦٠. ابن أبي الحديد ج ١ : ١٨٠.
(٢) اليعقوبي ج ٢ / أبي الفداء ج ١ : ١٧٢ / مروج الذهب ج ٢ : ٣٦٦.
(٣) اليعقوبي ج ٢ : ١٥٢.
(٤) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٥٤ / تاريخ أبي الفداء ج ١ : ١٧١.
(٥) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٥٢.