ومع أن الأحاديث النبوية هي التالية للقرآن ، وكانت تواجه نفس الخطر ، ولم تكن بمأمن من خطر نقل معنى الحديث ، دون الالتفات إلى النص ، وكذا الزيادة والنقصان ، والتحريف والنسيان ، وما إلى ذلك من الأخطار التي كان يواجهها الحديث ، فلم توجه عناية أو رعاية لحفظه وصيانته ، بل كانت كتابة الحديث ممنوعة ، وإذا ما حصلوا على شيء منه فكان يلقى في النار.
ولم تمض فترة من الزمن حتى ظهر الاختلاف في المسائل الإسلامية الضرورية كالصلاة ، ولم يطرأ تقدم في بقية الفروع العلمية في هذه الفترة ، في حين نرى القرآن الكريم يشجع المشتغلين بالعلم ، وأحاديث النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم تؤيد ذلك ، فلم ير لتلك الآيات والأحاديث مصداقا في الخارج ، وانصرف أكثر الناس إلى الفتوحات المتعاقبة ، وفرحوا بالغنائم المتزايدة ، والتي كانت تتدفق إلى الجزيرة العربية من كل حدب وصوب ، ولم يكن هناك اهتمام بعلوم سلالة الرسالة ومعدن الوحي ، وفي مقدمتهم علي عليهالسلام. والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد صرح معلنا أن عليا أعرف الناس بالعلوم الإسلامية ، والمفاهيم القرآنية ، ولم يسمحوا له بالمشاركة في جمع القرآن (وهم على علم من أن عليا بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان جليس داره يجمع القرآن) ولم يذكر اسمه في أنديتهم واجتماعاتهم (١).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ابن أبي الحديد ج ١ : ٩.
وقد ورد في روايات كثيرة أنه أرسل على عليّ عليهالسلام بعد انعقاد البيعة لأبي بكر ، وطلب منه البيعة ، فأجابه بأنني عاهدت نفسي ألا أخرج من داري سوى وقت الصلاة حتى أكمل جمع القرآن ، ويروى أيضا ، أن عليا بايع أبا بكر بعد ستة أشهر ، وهذا دليل على ـ