له. وفي الحقيقة كان ثقل الخلافة في الشام ، ولم تكن المدينة (مركز الخلافة) إلا شكلا ظاهرا (١).
فخلافة الخليفة الأول قد استقرت بعد بيعة أكثرية الصحابة له ، والخليفة الثاني عيّن من قبل الخليفة الأول ، والخليفة الثالث انتخب من الأعضاء الستة للشورى الذين عيّنهم الخليفة الثاني.
فكانت سياسة هؤلاء الخلفاء الثلاثة في الأمور وشئون الناس أن ينفذوا القوانين الإسلامية في المجتمع وفقا للاجتهاد والمصلحة آنذاك ، ووفقا لما يرتئيه مقام الخلافة ، فالقرآن يقرأ دون تفسير أو تدبّر وأقوال الرسول الأكرم العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم (الحديث) تروى دون أن تكتب على قرطاس ، ولا تتجاوز حدّ الأذن واللسان فكانت الكتابة مختصة بالقرآن الكريم ، والحديث لا يكتب على الإطلاق (٢).
وبعد معركة اليمامة والتي انتهت في سنة ١٢ للهجرة بمقتل جمع من الصحابة كانوا من حفظة القرآن ، اقترح عمر بن الخطاب على الخليفة الأول أن يجمع القرآن في مصحف ، ويبين الهدف والغرض من اقتراحه بقوله : إذا ما حدثت معركة أخرى ، واشترك فيها بقية حملة القرآن وحفظته ، فسوف يذهب القرآن من بين أظهرنا ، إذن ينبغي جمع آيات القرآن في مصحف ، تكتب آياته (٣) ، فنفذوا هذا الاقتراح بالنسبة للقرآن الكريم.
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٣ : ٣٧٧.
(٢) صحيح البخاري ج ٦ : ٩٨ / تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١١٣.
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١١١ / الطبري ج ٣ : ١٢٩ ـ ١٣٢.