الثالث كان متأثرا لما تربطه بهم من صلة القربى ، وخاصة مروان بن الحكم (٣) ولم يهتم بشكاوى الناس ، وكان أحيانا يعاقب الشكاة (٤) فثار الناس عليه سنة ٣٥ للهجرة ، وبعد محاصرة منزله ، وصراع شديد قتلوه.
كان الخليفة الثالث يؤيد وإليه على الشام تأييدا مطلقا وهو أحد أقاربه الأمويين (معاوية) وكان يدعم موقفه بتأييده المستمر
__________________
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٥٠ / تاريخ الطبري ج ٣ : ١٩٧ / تاريخ أبي الفداء ج ١ : ١٦٨.
(٤) ثار جماعة من أهل مصر على عثمان ، فأحس عثمان بالخطر ، فندم ، وطلب من علي بن أبي طالب العون والمساعدة. فقال عليّ : لأهل مصر أن معارضتكم هذه لم تكن إلا لإحياء الحق ، وقد ندم عثمان وتاب وهو القائل إنني تائب مما مضى ، وسأنجز لهم ما طلبوه خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام ، من عزل الولاة الجائرين ، فكتب الإمام علي عليهالسلام معاهدة من جانب عثمان ، فعاد الجمع إلى بلادهم. وفي أثناء الطريق ، شاهدوا غلام عثمان ، وهو راكب جمل عثمان متجها إلى مصر فأساءوا الظنّ به ، ففتشوه ، فوجدوا لديه رسالة من عثمان لواليه على مصر ، وقد حررت فيها ما مضمونه : عند وصول عبد الرحمن بن عديس إليك. وهو أحد المعارضين لعثمان ـ اجلده مائة جلدة ، واحلق شعر رأسه ولحيته ، واحكم عليه بالسجن لمدة مديدة ، واعمل مثل هذا مع كل من عمرو بن حمق وسودان بن حمران وعروة بن نباع.
أخذوا الرسالة من الغلام ، وعادوا إلى عثمان ساخطين ، فقالوا له : أنت أبطنت لنا الخيانة ، فعرضت عليه الرسالة ، فأنكرها عثمان ، قالوا له : إن غلامك كان يحملها ، أجاب ، قد قام بهذا العمل دون إذن مني ، قالوا له : كان راكبا جملك ، قال عثمان : قد سرق جملي. قالوا له : الرسالة بخط كاتبك ، أجاب ، كتبت دون علمي ، قالوا ، فعلى أية حال ، الخلافة لا تليق بك : ويجب أن تستقيل من مقامك ، لأن الأمر هذا لو كان على علم منك ، فإنك خائن ، وإن لم يكن على علم منك ، فلست جديرا بالخلافة وبهذا يثبت عدم صلاحيتك لهذه المهمة ، فإما أن تتخلى عن الخلافة وتستقيل ، وإما أن تعزل الولاة الظالمين ، فأجاب عثمان : لو أردتم أن أكون كما تريدون ، إذن فمن الخليفة وصاحب الأمر؟! أنا أم أنتم؟! فنهضوا من مجلسه ساخطين عليه.
جاءت هذه الواقعة في كتاب تاريخ الطبري المجلد الثالث في صفحة ٤٠٢ وحتى ٤٠٩ ، ووردت ملخصة هنا من قبل المؤلف. كلمة المترجم.