وتشير هذه الآية إلى أن استيعاب الناس وقدرتهم على اكتساب المعارف السماوية والتي تنير النفوس ، وتمنحها الحياة متفاوتة.
فهناك من لا يعطي الأصالة لهذا العالم ـ الذي سرعان ما يزول ـ إلّا للمادة والحياة الماديّة ، ولا يرجو سوى ما تشتهيه نفسه من الحياة الماديّة ، ولا يخشى إلا الحرمان منها ، وهؤلاء على اختلاف في مراتبهم.
والحد الأدنى الذي يمكن قبوله من المعارف السماوية ، هو الاعتقاد بشكل مجمل وأداء أحكام الإسلام العلمية ظاهرا ، وعبادة الله جلّ شأنه أملا في الثواب وخوفا من العقاب.
وهناك أناس اثر صفاء فطرتهم لا يرون السعادة بالركون إلى لذائذ هذه الحياة بأيامها القليلة الزائلة ، وما الفائدة والضرر ، والبهجة والبؤس في هذه الحياة إلّا ظن مغر ، وما أولئك الذين كانوا بالأمس سعداء ، وأصبحوا اليوم قصصا تروى ، سوى دروس وعبر لهم ، تلقى في أذهانهم باستمرار وعلى الدوام.
وهؤلاء بالطبع يتجهون بقلوبهم المنزهة إلى العالم الأبدي وينظرون إلى هذا العالم بما فيه من مظاهر مختلفة ، بأنها دلالات وإشارات لا غير ، وليست فيها أية أصالة أو استقلال.
وعند ما تفتح لهم أبواب من المعرفة والإدراك المعنوي للآيات والظواهر الأرضية والسماوية ، وتشرق في نفوسهم أنوار غير متناهية من عظمة وجلال الخالق سبحانه ، وتعجب نفوسهم وقلوبهم الطاهرة برموز الخليقة إعجابا ، فتعرج أرواحهم في الفضاء غير المتناهي للعالم الأبدي بدلا من انغماسها في مصالحها المادية الخاصة.