والسقوط والانحطاط تارة أخرى ، ولا تزال تمارس حياتها حتى اليوم (١).
والظاهر أن أكثر مشايخ العرفان الذين جاء ذكرهم في كتب العرفان ، كانوا على مذهب أهل التسنن ، والطريقة التي نشاهدها اليوم (والتي تشتمل على مجموعة من عادات وتقاليد ، لم نجد في الكتاب والسنة أساسا لها) تذكّرنا بتلك الأيام ، وإن كان البعض من تلك العادات والتقاليد انتقلت إلى الشيعة.
وكما يقال ، إن هؤلاء كانوا يعتقدون أن الإسلام يعوزه منهج للسير والسلوك ، والمسلمون استطاعوا أن يصلوا إلى طريقة معرفة النفس ، وهي مقبولة لدى الباري عزوجل ، مثل ما في الرهبانية عند المسيحيين ، إذ لم يوجد أساس له في الدعوة المسيحية ، فأوجدها النصارى وحبّذها جمع فانتهجها (٢).
ويستنتج مما ذكر ، أن كلا من مشايخ الطريقة ، جعل ما رآه صلاحا من عادات وتقاليد ، في منهج سيره وسلوكه. وأمر متبعيه بذلك ، وبمرور الزمن أصبح منهاجا وسعيا مستقلا ، مثل مراسم الخضوع والخشوع ، وتلقين الذكر والخرقة والاستفادة من الموسيقى والغناء عند إقامة مراسم الذكر ، حتى آل الأمر في بعض الفرق منها أن تجعل الشريعة في جانب ، والطريقة في جانب آخر ، والتحق متبعو هذه الطريقة بنهج الباطنية. أما معايير النظرية الشيعية ،
__________________
(١) يراجع كتب التراجم وتذكرة الأولياء والطرائق وغيرها.
(٢) قوله تعالى في سورة الحديد الآية ٢٧ : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ ....)