مثل للعرب تضربه في التّوصية بالاحتياط والأخذ بالحزم. وأصله أن رجلا أراد أن يقطع بإبله مفازة ولم يُعَشِّها ، ثقة على ما فيها من الكلأ ، فقيل له : عَشِ إبلك قبل الدخول فيها ، فإن كان فيها كلأ لم يضرّك ، وإن لم يكن كنت قد أخذت بالحزم. أراد ابن عمر : اجتنب الذّنوب ولا تركبها ، وخذ بالحزم ولا تتّكل على إيمانك.
(س) وفي حديث ابن عمير «ما من عَاشِيَة أشدّ أنقا ولا أطول شبعا من عالم من علم» العَاشِيَة : التي ترعى بالعَشِيِّ من المواشي وغيرها. يقال : عَشِيَتِ الإبل وتَعَشَّت ، المعنى أن طالب العلم لا يكاد يشبع منه ، كالحديث الآخر «منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا».
وفي كتاب أبي موسى «ما من عَاشِيَة أدوم أنقا ولا أبعد ملالا من عَاشِيَة علم» وفسّره فقال : العَشْو : إتيانك نارا ترجو عندها خيرا. يقال : عَشَوْتُه أَعْشُوه فأنا عَاشٍ من قوم عَاشِيَة ، وأراد بالعَاشِيَة هاهنا : طالبي العلم الرّاجين خيره ونفعه.
(ه) وفي حديث جندب الجهنيّ «فأتينا بطن الكديد فنزلنا عُشَيْشِيَة» هي تصغير عَشِيَّة على غير قياس ، أبدل من الياء الوسطى شين كأن أصلها : عُشَيِّيَة. يقال : أتيته عُشَيْشِيَة ، وعُشَيَّانا ، وعُشَيَّانَة ، وعُشَيْشِيَانا.
وفي حديث ابن المسيّب «أنه ذهبت إحدى عينيه وهو يَعُشو بالأخرى» أي يبصر بها بصرا ضعيفا.
(باب العين مع الصاد)
(عصب) فيه «أنه ذكر الفتن وقال : فإذا رأى النّاس ذلك أتته أبدال الشّام وعَصَائِب العراق فيتبعونه» العَصَائِب : جمع عِصَابَة ، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ، ولا واحد لها من لفظها.
ومنه حديث عليّ «الأبدال بالشّام ، والنّجباء بمصر ، والعَصَائِب بالعراق» أراد أن التجمّع للحروب يكون بالعراق. وقيل : أراد جماعة من الزّهّاد سمّاهم بالعَصَائِب ، لأنه قرنهم بالأبدال والنّجباء.