وفي حديث عمر «شكا إليه أهل الماشية تصديق الغِذَاء ، فقالوا : إن كنت معتدّا علينا بالغِذَاء فخذ منه صدقته ، فقال : إنّا نعتدّ بالغِذَاء كلّه حتّى السّخلة يروح بها الرّاعي على يده ، ثم قال في آخره : وذلك عدل بين غِذَاء المال وخياره».
(ه) ومنه حديثه الآخر «أنّه قال لعامل الصّدقات : احتسب عليهم بالغِذَاء (١) ولا تأخذها منهم» الغِذَاء : السّخال الصّغار ، واحدها : غَذِيّ ، وإنّما ذكّر الضّمير في الحديث الأوّل ردّا إلى لفظ الغِذَاء ، فإنّه بوزن كساء ورداء. وقد جاء السّمام المنقع ، وإن كان جمع سمّ.
والمراد بالحديث ألا يأخذ السّاعي خيار المال ولا رديئه ، وإنّما يأخذ الوسط ، وهو بمعنى قوله «وذلك عدل بين غِذَاء المال وخياره».
وفي حديثه الآخر «لا تُغَذُّوا أولاد المشركين» أراد وطء الحبالى من السّبي ، فجعل ماء الرّجل للحمل كالغِذَاء.
(باب الغين مع الراء)
(غرب) فيه «إن الإسلام بدأ غَرِيباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغُرَبَاء» أي أنّه كان في أوّل أمره كالغَرِيب الوحيد الذي لا أهل له عنده ، لقلّة المسلمين يومئذ ، وسيعود غَرِيباً كما كان : أي يقلّ المسلمون في آخر الزّمان فيصيرون كالغُرَبَاء. فطوبى للغُرَبَاء : أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام ويكونون في آخره ، وإنّما خصّهم بها لصبرهم على أذى الكفّار أوّلا وآخرا ، ولزومهم دين الإسلام.
ومنه الحديث «اغْتَرِبُوا لا تضووا (٢)» الاغْتِرَاب : افتعال من الغُرْبَة ، وأراد تزوّجوا إلى الغَرَائِب من النّساء غير الأقارب ، فإنه أنجب للأولاد.
(س) ومنه حديث المغيرة «ولا غَرِيبَة نجيبة» أي أنها مع كونها غَرِيبَة فإنّها غير نجيبة الأولاد.
__________________
(١) فى الهروى : «احتسب عليهم الغذاء».
(٢) انظر حواشى ص ١٠٦ من الجزء الثالث.