أي أحملها على غير ثقة ، وبه سمّي الشيطان غَرُوراً ، لأنه يحمل الإنسان على محابّه ، ووراء ذلك ما يسوء.
ومنه حديث الدعاء «وتعاطى ما نهيت عنه تَغْرِيراً» أي مخاطرة وغفلة عن عاقبة أمره.
ومنه الحديث «لأن أَغْتَرَّ بهذه الآية ولا أقاتل ، أحبّ إليّ من أن أَغْتَرَّ بهذه الآية» يريد قوله تعالى «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» وقوله «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً» المعنى أن أخاطر بتركي مقتضى الأمر بالأولى أحبّ إليّ من أن أخاطر بالدّخول تحت الآية الأخرى.
(ه) ومنه حديث عمر «أيّما رجل بايع آخر فإنّه لا يؤمّر واحد منهما تَغِرَّةَ أن يقتلا» التَّغِرَّة : مصدر غَرَّرْتُه إذا ألقيته في الغَرَر ، وهي من التَّغْرِير ، كالتّعلّة من التّعليل. وفي الكلام مضاف محذوف تقديره : خوف تَغِرَّة أن يقتلا : أي خوف وقوعهما في القتل ، فحذف المضاف الذي هو الخوف ، وأقام المضاف إليه الذي هو تَغِرَّة مقامه ، وانتصب على أنه مفعول له.
ويجوز أن يكون قوله «أن يقتلا» بدلا من «تَغِرَّة» ويكون المضاف محذوفا كالأوّل.
ومن أضاف «تَغِرَّة» إلى «أن يقتلا» فمعناه خوف تَغِرَّته قتلهما.
ومعنى الحديث : أنّ البيعة حقّها أن تقع صادرة عن المشورة والاتّفاق ، فإذا استبدّ رجلان دون الجماعة فبايع أحدهما الآخر ، فذلك تظاهر منهما بشقّ العصا واطّراح الجماعة ، فإن عقد لأحد بيعة فلا يكون المعقود له واحدا منهما ، وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفّق على تمييز الإمام منها ، لأنه إن عقد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفعلة الشّنيعة التي أحفظت الجماعة ، من التّهاون بهم والاستغناء عن رأيهم لم يؤمن أن يقتلا.
(س) ومنه حديث عمر «أنه قضى في ولد المَغْرُور بغُرَّة» هو الرجل يتزوّج امرأة على أنها حرّة فتظهر مملوكة ، فيغرم الزوج لمولى الأمة غُرَّةً عبدا أو أمة ، ويرجع بها على من غَرَّه ، ويكون ولده حرّا.
(ه) وفيه «لا غِرَارَ في صلاة ولا تسليم» الغِرَار : النّقصان. وغِرَار النّوم : قلّته.