ثم أمره بالدعاء إلى الله عزوجل فكان أبي عليهالسلام أول من استجاب لله تعالى ولرسوله وأول من آمن وصدق الله ورسوله وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) فرسول الله الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه.
وقد قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة سربها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلّا أنا أو رجل منّي وأنت هو يا علي ، فعليّ من رسول الله ورسول الله منه ، وقال له نبي الله صلىاللهعليهوآله حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ومولاه زيد بن حارثة في ابنه حمزة أما أنت يا علي فمني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن بعدي فصدق أبي رسول اللهصلىاللهعليهوآله سابقا ووقاه بنفسه ثم لم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله في كل موطن يقدمه ولكل شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينة إليه لعلمه بنصيحة الله عزوجل وإنه أقرب من الله ورسوله ، وقد قال الله عزوجل (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) فكان أبي سابق السابقين إلى الله عزوجل وإلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأقرب الأقربين وقد قال الله تعالى ، (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) فأبي كان أولهم إسلاما وإيمانا أولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا واولهم على وجده ووسعة نفقة قال سبحانه (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيّه صلىاللهعليهوآله وذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد وقد قال الله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) فهو سابق جميع السابقين ، فكما أن الله عزوجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين فضل سابق السابقين على السابقين وقد قال الله عزوجل : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) حقا فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر والمجاهد في سبيل الله حقا وفيه نزلت هذه الآية وكان ممن استجاب لرسول اللهصلىاللهعليهوآله عمّه حمزة وجعفر ابن عمه فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم ، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم وذلك لمكانهما من رسول الله ومنزلتهما وقرابتهما منهصلىاللهعليهوآله وصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.
وكذلك جعل الله تعالى نساء النبي صلىاللهعليهوآله للمحسنة منكن أجرين وللمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهنّ من رسول الله صلىاللهعليهوآله وجعل الصلاة في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله بألف صلاة في سائر