يبغضه ؛ لأنه ترك فريضة من فرائض الله ، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فأنزل الله هذه الآية على نبيّه (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله في أصحابه فحمد الله واثنى عليه وقال : يا أيها الناس إن الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه فلم يجبه أحد فقال : يا أيها الناس إنّه ليس بذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب فقالوا : هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا : أما هذه فنعم فما وفي بها أكثرهم ، وما بعث الله عزوجل نبيا إلّا أوحى إليه لا يسأل قومه أجرا لأن الله يوفي أجر الأنبياء ومحمد صلىاللهعليهوآله فرض الله عزوجل مودة قرابته على امته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليوادّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي اوجب الله عزوجل لهم فأن المودة أنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما اوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فأخذ بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق والحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حدّه الله.
فقالوا : القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي صلىاللهعليهوآله أولاهم بالمودة كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها ، وما انصفوا نبي الله صلىاللهعليهوآله في حيطته ورأفته ، وما من الله به على امته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه لا يودّوه في قرابته وذريته وأهل بيته وأن لا يجعلوهم منهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله صلىاللهعليهوآله وحبا لنبيه فكيف والقرآن ينطق به ويدعوا إليه والأخبار ثابتة أنهم أهل المودة والذين فرض الله مودتهم ووعد الجزاء عليها أنه ما وافى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلّا استوجب الجنة ؛ لقول الله عزوجل في هذه الآية : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) مفسّرا ومبيّنا.
ثم قال أبو الحسن عليهالسلام : «حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن عليعليهماالسلام قال : اجتمع المهاجرين والأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا رسول الله إن لك مئونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فأحكم فيها بارا مأجورا اعط منها ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج فأنزل الله الروح الأمين فقال يا محمد (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعني تؤدّوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون : ما حمل رسول الله صلىاللهعليهوآله على ترك ما عرضنا عليه إلّا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلّا شيء افتراه في مجلسه ، وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله عزوجل (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ