عن القدرة؟) (١) والفرق بين أجزاء العلة وبين ما يكون شرطا لتأثير العلة في المعلول : معلوم. والجواب : إنا لا نعني بالمصدر والمؤثر إلا مجموع الأمور التي لا بد من حصولها حتى تصير مصدرا لذلك الأثر. وعلى هذا التقدير فلا فرق عندنا في القيود الوجودية بين أن يقا : إنها أجزاء العلة وبين أن يقال إنها شرائط لصدور الأثر عن العلة. واعلم أن بهذا القدر الذي ذكرناه لا يظهر أن الحق من تلك الاحتمالات الأربعة : ما ذا؟
البحث الثالث : لقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يقال : أن عند حصول مجموع القدرة والداعي يصدر الأثر عن سبب منفصل ، كما يقول الفلاسفة : من أن مجموع القدرة والداعي يوجب الاستعداد التام لحدوث ذلك الأثر ، وعند حصول هذا الاستعداد التام يفيض الأثر عن العقل الفعال؟ ويجب أن يتأمل في هذا الاحتمال ليعلم أنه حق أو باطل.
البحث الرابع : إن قول القائل : القادر هو الذي يصح منه أن يفعل ، وأن لا يفعل بحسب الدواعي المختلفة كلام مشكل. وذلك لأن قولنا : إنه لم يفعل : إشارة إلى أنه نفي للعدم الأصلي ، كما كان. والعدم يمتنع وقوعه بالفاعل. لأن القدرة صفة مؤثرة ، والعدم نفي محض ، وسلب صرف. فالقول بأن العدم وقع بالفاعل والقادر محال. (وأيضا : الشيء حال بقائه يمتنع إسناده إلى الفاعل. لما ثبت أن تكون الكائن محال) (٢) وإذا كان الأمر كذلك فالعدم الباقي يمتنع إسناده إلى القادر. لوجهين : الأول : إن كونه عدميا يمنع من إسناده إلى الفاعل. والثاني : إن كونه باقيا يمنع أيضا من إسناده إلى الفاعل. فيثبت أن العدم الباقي يمتنع استناده إلى القادر من هذين الوجهين. ولما ثبت أن الترك لا معنى له. إلا البقاء على العدم الأصلي ، وثبت أن البقاء على العدم الأصلي يمتنع إسناده إلى الفاعل يثبت حينئذ : أن القادر لا قدرة له على الترك البتة. وإذا كان كذلك كان قوله : القادر هو الذي يصح منه الفعل والترك قولا مشكلا. ولهذا الكلام مزيد غور.
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م).