العالم بوقت آخر. فإن كان الأول فنقول : صلاحية الصفة للوجوه الكثيرة إما أن تحوج إلى المرجح أو لا تحوج ، (فإن أحوجته إليه) (١) لزم افتقار الإرادة إلى مرجح آخر ، وإن لم يتحوجه إليه وجب أن لا تحتاج القدرة إلى الإرادة.
وأما القسم الثاني : فنقول : لما كانت الإرادة أزلية ممتنعة العدم ، وكانت متعلقة بأحداث العالم في وقت معين ، وما كانت صالحة للتعلق بإحداث العالم في وقت آخر ، فحينئذ يصير الإله موجبا بالذات غير فاعل على سبيل الصحة. ومعلوم أن هذه المسألة فرع على إثبات القادر المختار ، وكل فرع يوجب فساد الأصل كان باطلا. وأيضا : فإذا جاز أن يقال : تلك الإرادة المخصوصة متعينة التعلق بذلك الوجه الواحد (فلم لا يجوز أن يقال تلك الإرادة المخصوصة متعينة التعلق بوجه واحد) (٢) وحينئذ تكون القدرة غنية عن الإرادة المرجحة؟ وهذا تمام البحث في هذا الدليل.
(المسألة الثالثة) (٣) : واحتج المنكرون لهذه الصفة بوجوه :
الحجة الأولى : إنها إن كانت تامة في جميع جهات المؤثرية وجب الفعل ، وإن كانت غير تامة امتنع الفعل ، فالقول بإثبات هذه الإرادة محال.
الحجة الثانية : إنا لا نعقل من الإرادة إلا الميل إلى جلب النفع أو إلى دفع الضرر.
وذلك في حق الله محال. وأما الإرادة بمعنى آخر فلا نعقله البتة. فكان القول بإثباته لله محالا.
الحجة الثالثة : لو حصلت الإرادة لكانت إما أن تكون قديمة أو حادثة ، والقسمان باطلان ، فالقول بإثبات الإرادة باطل. وهو معلوم.
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م).
(٣) زيادة.