الثالث : وهو أنه تعالى لما ألزم زيدا إقامة صلاة الصبح ، فإذا أتى زيد بذلك الفعل. فهل بقي ذلك الإلزام الأول ، أو لم يبق ، فإن بقي وجب أن لا يكون له سبيل إلى الخروج عن العهدة ، لأنه وإن أتى بذلك الفعل ألف ألف مرة ، فالإلزام الأول باقي (وإن لم يبق ذلك الالزام فقد عدم ، والمتكلمون مصرون على أن القديم يمتنع عليه العدم ، فلما عدم هذا الإلزام) (١) وهذا الأمر ، وجب على مقتضى قولهم : أن لا يكون قديما.
الرابع : إن النسخ عندهم جائز ، والنسخ عبارة عن رفع الحكم بعد ثبوته. أو عن انتهاء (زمن) (٢) ذلك الحكم (٣). وعلى التقديرين فقد عدم بعد وجوده ، وما يثبت عدمه امتنع قدمه.
الخامس : إن الصفة القديمة الأزلية تكون تعلقاتها (بمتعلقاتها) (٤) أمرا ذاتيا لازما واجبا. فلو كان أمر الله قديما لوجب تعلقه بكل ما يصح (تعلقه) (٥) به ، لكن الحسن والقبح العقليين باطل عند القائلين بهذا القول ، فلا شيء إلا ويصح الأمر به ، ولا شيء إلا ويصح النهي عنه ، فيلزم تعلق الأمر بكل الأشياء ، وتعلق النهي بكل الأشياء ، فيلزم كون الأشياء بأسرها مأمورا بها ، منهيا عنها ، وذلك يوجب اجتماع الضدين ، وهو محال.
السادس : إنا كما بينا : أن العلم بالشيء ، يجب أن يتغير عند تغير المعلومات (فكذلك الخبر عن الشيء يتغير عند تغير المخبر عنه ، وكل ما يتطرق التغير إليه وجب أن لا يكون قديما ، لأنه) (٦) ثبت أن ما كان قديما كان العدم عليه محالا (٧).
__________________
(١) من (م).
(٢) زيادة.
(٣) القرآن نسخ شريعة التوراة.
(٤) من (س).
(٥) من (س).
(٦) من (م).
(٧) مجالا (م).