في اعتقاده فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام ، لأنه إما أن يكون جانب المصلحة راجحا فى اعتقاده ، وإما أن يكون جانب المفسدة راجحا في اعتقاده ، وإما أن يكون متعادل الجانبين(١). فإن كان جانب المصلحة راجحا في اعتقاده وجب الفعل ويدل عليه وجهان : الأول : إنه مقابل المثل بالمثل فيبقى العدد الزائد داعية خالصة إلى الفعل. والثاني : وهو أنه لما كان جانب الفعل راجحا على جانب الترك في اعتقاده ، فلو رجح جانب الترك كان ذلك ترجيحا للمرجوح على الراجح وذلك محال في العقول. وإذا امتنع هذا وجب ترجيح الجانب الراجح (٢) وذلك هو المطلوب. وإما إن كان جانب المفسدة راجحا وجب الترك لمعنى الدليلين المذكورين. وأما إن حصل التعادل بحسب اعتقاده ، وجب التوقف وحينئذ يبقى ما كان على ما كان.
وأما القسم الرابع : وهو أن لا يحصل اعتقاد كون الفعل مشتملا على المصلحة وعلى المفسدة.
فعند هذا لم يحصل الداعي إلى الفعل ولا الصارف عنه ، بل يبقى ما كان على ما كان من غير تغيير أصلا.
إذا عرفت هذا الأصل فنقول : هاهنا فروع :
الفرع الأول : قالت المعتزلة : التكليف لا يصح عند كون الداعية خالصة إلى الفعل أو إلى الترك (فإن عند حصول هذه الحالة يكون الإنسان كالملجإ إلى الفعل أو إلى الترك (٣)) وعند حصول الإلجاء (لا يصح التكليف. وإنما يصح التكليف حال ما يكون الإنسان متردد الدواعي (٤)) إلى الفعل والترك. واعلم. أن هذا الكلام ضعيف جدا. وذلك لأنا بينا أن الحال لا يخلو عن الأقسام الستة ، وعلى كل واحد من هذه التقديرات ، فالواجب إما
__________________
(١) معادل الجانبات (س).
(٢) الآخر (س).
(٣) من (م).
(٤) من (م).