وهذا التنفس فعل اختياري ، وهو قد حصل من غير الداعي ، لأن النوم مانع من الاعتقاد أو الظن. الثاني : (١)) إن النائم قد ينتقل من أحد الجانبين إلى الثاني ، وربما يتلفظ بالكلمات الكثيرة ، مع أنه في تلك الساعة لم يحصل في قلبه شيء من العلوم والاعتقادات ، لأن النوم مانع منهما. فهاهنا قد حصل الفعل من غير الداعي.
الحجة الثالثة : قالوا : الإنسان إذا صار ماهرا (في حرفة معينة ، مثل ما إذا صار) (٢) ماهرا في صنعة الكتابة ، أو في ضرب الطنبور ، أو في غيرهما ، فإنه قد يصير بحيث يكتب شيئا كثيرا ، أو يضرب الطنبور مدة معينة مع أنه يكون بقلبه غافلا عن آحاد تلك الحروف ، وعن آحاد تلك النقرات. وإذا كان غافلا عنها يمتنع كونه عالما بها ، أو معتقدا لها ، أو ظانا بها. ففي هذه الصورة قد وجدت هذه الأفعال ، مع أن الدواعي غير حاصلة فيها.
الحجة الرابعة : قالوا : المخيّر بين شرب قدحين ، وأكل رغيفين ، والهارب إذا وصل إلى طريقين متساويين ، فإنه يرجح أحدهما على الآخر ، (لا لمرجح. فههنا الفعل قد حصل من غير الداعي. وتمام التقرير : أنه عند حصول الاستواء بين القدحين والرغيفين ، إما أن يرجح (٣) (أحدهما على الآخر ، أو لا يرجح) (٤) والثاني باطل ، لأنه يلزم أن يقال : إن العطشان مع شدة العطش ، لا يأخذ القدحين ، بل يبقى ممتنعا عنهما إلى أن يموت من العطش ، مع كون القدحين حاضرين عنده من غير مانع ، ومعلوم أن ذلك باطل فيثبت أنه لا بد وأن يأخذ أحدهما من غير مرجح ، (وإذا ثبت هذا) (٥) فقد حصل الفعل ، لا للدواعي. وهو المطلوب.
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م).
(٣) من (م).
(٤) من (س).
(٥) زيادة من (س).