الشهوة ، وقد يصير سببا لحصول الغضب. فلو كان الجوهر مدركا شيئا مغايرا للجوهر الذي يغضب ، وللجوهر الذي يشتهي ، فحين أدرك صاحب الإدراك ، لم يكن [شيئا (١)] من هذا الإدراك له أثر ولا خبر عند صاحب الشهوة ، ولا عند صاحب الغضب ، [فوجب أن لا يترتب على ذلك الإدراك ، لا حصول الشهوة ولا حصول الغضب (٢)] وحيث حصل هذا التأثير واللزوم ، علمنا : أن صاحب الإدراك هو بعينه صاحب الشهوة وصاحب الغضب.
الحجة الخامسة : إن حقيقة الإنسان : إنه جسم ، ذو نفس ، حساس ، متحرك بالإرادة. فشرط النفس أن تكون حساسة وأن تكون متحركة بالإرادة ، فصاحب الحس هو بعينه صاحب تلك الإرادة. والإرادة إن كانت إرادة الجذب فهي الشهوة ، وإن كانت إرادة الدفع فهي الغضب. فهذا يدل على أن الإدراك والشهوة والغضب صفات ثلاثة (٣) لذات واحدة. وهو المطلوب.
الحجة السادسة : إنا بينا بالبرهان القاطع : أنّ المدرك لجميع المدركات بجميع أنواع المدركات ، والقادر المريد الفاعل يجب أن يكون نفسا (٤) واحدة. وذلك برهان قاطع على بطلان قول من يقول بتوزيع هذه الصفات على الذوات المتباينة [والله أعلم (٥)].
واحتج القائلون بتعدد النفوس : بأن قالوا : إنا وجدنا النفس المدبرة لأمر الغذاء حاصلة في النبات ، وهي خالية عن النفس الغضبية. ورأينا النفس الشهوانية والغضبية حاصلة [في الحيوان ، وهي خالية (٦)] عن النفس النطقية ، والقوة الفكرية. ثم رأينا هذه الثلاثة حاصلة للإنسان. فعلمنا : أن
__________________
(١) من (م).
(٢) سقط (طا) ، (ل).
(٣) ثابتة (م).
(٤) شيئا (ط).
(٥) سقط (م) ، (ط).
(٦) سقط (م).