وقال عليهالسلام : «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن» وعنى به : أن صدور الفعل تارة ، والترك أخرى من العبد ، متوقف على أن يحصل في القلب داعي الفعل ، أو داعي الترك وحصول هذه الدواعي من الله تعالى. فعبر النبي عليهالسلام عن تينك الداعيتين بالإصبعين. يعني : كما أن الرجل إذا أخذ شيئا بين إصبعين ، فإنه يقلبه كيف يشاء ، فكذلك القلب مسخر بين هاتين الداعيتين اللتين يخلقهما الله تعالى فيه. فهو تعالى يتصرف في قلوب العباد بواسطة خلق هذه الدواعي فيها. وهذا يدل على أن محل الدواعي والبواعث: هو القلب.
فإن قال قائل من الجهال (١) : كيف تمسكتم في المباحث الحكمية العقلية. بالآيات والأخبار؟ قلنا : هذا جهل. لأن الحكيم «أرسطاطاليس» ملأ كتبه من الاستشهاد بقول «أو ميروس (٢)» الشاعر ، فإذا لم يبعد منه ذلك ، فكيف يعاب علينا ، إن تمسكنا بهذا الكتاب العالي الشريف [والله أعلم (٣)].
__________________
(١) قال المؤلف في كتاب القضاء والقدر ـ وهو الجزء التاسع من كتاب المطالب العالية ـ : إن الاعتماد على الآيات القرآنية في إثبات مذهب الجبر لا يلزم الخصوم ، القائلين بالاختيار. وإنما الملزم لهم هو الحجج العقلية. وهو لا يلزم الخصوم ـ عنده ـ لأن ظني الدلالة. وقوله باطل. لأن الحجج العقلية ليست ملزمة لتفاوت العقول في الفهم.
(٢) أبقرس (ط).
(٣) من (ل ، طا).