إنما انتقل من القلب إلى الدماغ. [والكبد (١)] فإما أن يقال : القوة النفسانية كانت موجودة في ذلك الروح قبل انتقاله إلى الدماغ ، أو ما كانت موجودة فيه.
أما القسم الثاني : وهو أنها ما كانت موجودة فيه قبل انتقالها إلى الدماغ ، فهو الذي اختاره في الأدوية القلبية.
وأما القسم الأول وهو أن هذه القوى كانت موجودة في ذلك الوقت. فلا نزاع في أن الأفعال النفسانية لا تصدر عنها إلا بعد حصولها في الدماغ. فالحاجة إلى الدماغ ، إما أن تكون لأجل حصول حالة وصفة ، أو لأجل زوال حالة وصفة.
فالأول : وهو أن يقال (٢) : انتقالها إلى الدماغ شرط لا لحدوث تلك القوى في أنفسها ، بل لصيرورتها بحيث تصدر عنها أفعالها ، على معنى أن حصول تلك الأرواح الحاملة لتلك القوى [في الدماغ (٣)] شرط لصدور (٤) آثارها عنها.
وأما الثاني : فهو أن يقال : القوى الكثيرة كانت موجودة في ذلك الروح ، وتلك القوى متدافعة متمانعة ، فلما انتقل ذلك الروح إلى الدماغ ، بطل سائر القوى ، وبقيت هذه القوة سليمة عن المعارض ، فلا جرم صدر عنها الفعل.
واعلم : أن هذا البحث كما وقع في هذا الموضع ، قد وقع في أن الروح الدماغي ، متى توجد فيه القوة الباصرة مثلا. عند ما تصل إلى الجليدية. أو يقال : إن القوة الباصرة كانت موجودة فيه ، إلا أن ظهور فعلها عنها ، موقوف على انتقالها إلى الجليدية؟.
وبالجملة : فكل شيء لزم على «أرسطاطاليس» في قوله : القلب هو
__________________
(١) من (طا ، ل).
(٢) صححنا على (طا ، ل).
(٣) من (طا ، ل).
(٤) لحصول (ل).