الأرواح ، ابتدأ بالأشراف فالأشرف ، منحطا إلى الأدون فالأدون ، حتى بلغت في آخر المراتب إلى الأرواح الأرضية. وهي بالنسبة إلى الأرواح الفلكية ، كنسبة أجساد الناس إلى أجساد الأفلاك ، وكنسبة القلوب المودعة في هذه الأجساد إلى الكواكب ، التي هي جارية مجرى القلوب لتلك الأفلاك ، ولما كانت نسبة الأجساد إلى الأجساد ، والقلوب إلى القلوب ، كالعدم بالنسبة إلى الوجود ، فكذلك نسبة الأرواح السفلية إلى الأرواح العلوية.
ثم إن الأرواح البشرية فيما بينها تفاوت شديد في الشرف والدناءة. وبعد الأرواح البشرية : النفوس الحيوانية ، وبعدها : النفوس النباتية.
وهاهنا آخر مراتب النفوس والأرواح.
والقسم الرابع من أقسام الموجودات : الموجود الذي لا يؤثر ولا يتأثر البتة : وهذا القسم ممتنع الوجود في العقول. فإنا لما دللنا على أن الموجود ، إما واجب ، وإما ممكن. ودللنا على أن الواجب : واحد. ودللنا على أن كل ممكن : فهو معلول. فحينئذ يكون ذلك الواجب الواحد مؤثرا فيه. وإذا ثبت هذا ، ظهر أن الموجود ، إن كان واجبا لذاته ، فهو مؤثر. وإن كان ممكنا لذاته ، فهو متأثر. فالقول بإثبات موجود لا يكون مؤثرا ولا متأثرا : محال.