والمقدمة الثالثة : إن قبول الفساد (١)] مفهوم غير مستقل بنفسه. بل لا بد من فرض شيء آخر. يكون ذلك الشيء موصوفا بذلك القبول.
وإذا ثبتت هذه المقدمات. نقول : الموصوف [بقبول الفساد (٢)] إما أن يكون هو عين ذلك الشيء أو جزء من أجزائه. والأول باطل ، لأن قابل الفساد لا بد وأن يكون حاصلا حال حصول الفساد ، ووجود الشيء يمتنع أن يكون حاصلا حال حصول فساده. وإذا بطل هذا القسم ، تعين القسم الثاني ، وهو أن تكون تلك الماهية (٣) لها جزء ، ويكون ذلك الجزء موصوفا بقبول الفساد. وإمكان الفساد هو بعينه إمكان الحصول ، فكل ما يصح عليه الفساد ، وله جزء ، يكون ذلك الجزء محلا لإمكان وجوده ، ولإمكان عدمه. وذلك الجزء هو المادة. كالطين الذي هو المادة للكوز ، بسبب أن الطين محل لإمكان حدوث صورة الكوز ، ولإمكان عدمها. فثبت : أن النفس لو كانت قابلة للفساد ، لكانت مركبة من المادة والصورة.
وبيان أن كونها مركبة من المادة والصورة محال : هو أن تلك المادة ، إن كانت قابلة للفساد ، افتقرت إلى مادة أخرى ، ولزم إما الدور وإما التسلسل. وهما محالان. وإما الانتهاء إلى مادة لا مادة لها ، وحينئذ لا يكون قابلا للفساد. لما بينا : أن كل ما يقبل الفساد ، فله مادة. فالذي لا مادة له ، وجب أن لا يقبل الفساد. وعلى هذا التقدير فتلك المادة جوهر مجرد قائم بذاته. ولا معنى للنفس إلا ذلك. فلما كانت تلك المادة غير قابلة للفساد ، ثبت : أن النفس لا تقبل الفساد.
فإن قيل : الكلام عليه من وجوه :
السؤال الأول : إن قولكم لو كانت النفس قابلة للفساد ، لكانت مركبة من المادة والصورة [منقوص بصور :
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) من (طا ، ل).
(٣) الماهية مركبة لها ... إلخ (م).