الثالث : إن الإنسان ربما طاف في العالم ، ورأى البلاد والجبال والبحار والمفاوز ، فلو وجب أن يحصل لكل جزء من أجزاء هذه الصورة جزء معين من الدماغ ، فهذا بعيد. لأن الجزء الصغير من الدماغ لا يفي بذلك ، وإن لم يجب هذا الامتياز فقد بطل قولكم (١).
والجواب عما ذكروه سابعا من أن اختلاف الصور الخيالية [في المقادير يجب أن يكون لاختلاف الآخذين في المقدار. فنقول : إن كان صغر المحل (٢)]. يقتضي صغر الصورة الحالة فيه ، وجب أن لا يقدر الإنسان على تخيل شيء ، إلا بمقدار ما يساوي جزءا من أجزاء دماغه.
وإن كان صغر المحل لا يوجب صغر الصورة ، ولا يمنع من كبرها ، فقد بطل دليلكم.
والجواب عما ذكروه ثامنا من أنه لا يمكننا أن نتخيل السواد والبياض في شبح جسم واحد ، ويمكننا ذلك في شبحي جسمين (٣) : فنقول : هذا وارد في القوة العقلية أيضا. فإنه لا يمكننا تعقل حصول السواد والبياض في جسم واحد ، ويمكننا ذلك في جسمين ، ثم لم يلزم منه كون [الصورة العقلية حالة في الجسم. فكذا هاهنا.
والجواب عما ذكروه تاسعا من أنه إذا ثبت كون (٤)] الخيال جسمانيا ، وجب أن يكون الوهم المتعلق به جسمانيا. أن نقول : بل نقلب هذا ، فنقول : لما كان إدراك معنى الصداقة والعداوة ، لا يمكن حصوله للجسماني ، كان إدراك الصورة الخيالية المتعلقة به ، وجب أن يكون بقوة جسمانية.
والجواب عما ذكروه عاشرا من أن القادر على تحريك البدن ، ليس هو النفس : أن نقول : إنه لا معنى لتدبير البدن وللتصرف فيه إلا تحريكه على وفق
__________________
(١) قولهم (م).
(٢) من (ل).
(٣) شبحين من جسمين (ل).
(٤) من (ل).