يمكنها الانتفاع البتة بذلك العقل : عبث. وهذا لا يليق بالفاعل الحكيم. وآثار العقل غير ظاهرة فيها ، لأنها لا تحترز عن الأفعال القبيحة ، ولا تميز بين ما ينفعها وبين ما يضرها. فوجب القطع بأنها غير عاقلة.
ولمجيب أن يجيب فيقول : إن درجات العلوم والمعارف كثيرة ، واختلاف النفوس في ماهياتها : محتمل. فلعل خصوصية نفس كل واحد منها ، لا تقتضي إلا لنوع معين من العقل ، وإلا لقسم مخصوص من المعرفة. فإن كان المراد بالعقل جميع العلوم الحاصلة للإنسان ، فحق أنها ليست عاقلة. وإن كان المراد بالعقل معرفة نوع من هذه الأنواع. فظاهر أنها موصوفة بهذه المعرفة.
وبالجملة : فالحكم عليها بالثبوت والعدم : حكم على الغيب. ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى.
وليكن هاهنا آخر كلامنا في النفوس الحيوانية [والله أعلم (١)].
__________________
(١) من (ل ، طا).