وبيان الثاني : إن كل صورة جسمانية ، فإنه يحصل لها قدر معين ، وشكل معين ، ووضع معين ، بسبب محلها. وقد بينا : أن الصورة العقلية [المجردة يمتنع كونها كذلك. وربما ذكروا هذا الكلام بتقرير آخر. وهو أن الصورة العقلية (١)] الكلية ، لا شك أنها مجردة. وكونها مجردة. إما أن يكون بسبب المأخوذ عنه ، أو بسبب الآخذ.
والأول باطل. لأن هذه الصورة الكلية المجردة ، إنما أخذت عن الأشخاص الموصوفة بالمقادير المعينة. والأوضاع المعينة.
ولما بطل هذا ، بقي [أن كون هذه الصورة الكلية مجردة ، إنما كان بسبب أن الآخذ مجرد ، فوجب (٢)] أن تكون القوة العقلية جوهرا مجردا عن الوضع والمقدار.
ولقائل أن يقول : السؤال عليه من وجهين :
الأول : أن نقول ما الذي تريدونه بهذه الصورة الكلية؟ أتريدون به [أن العلم بذلك المعلوم حصل في ذات العالم ، أو تريدون (٣) به] أن العلم بذلك المعلوم حصل في ذات العالم؟.
أما الأول : فباطل ظاهر البطلان ، وإلا لكنا إذا عرفنا واجب الوجود ، وجب أن يحصل في عقولنا صورة مساوية لواجب الوجود في تمام الماهية. وذلك لا يقوله عاقل ، ولكنا إذا عقلنا المعدوم ، وجب أن يحصل في ذاتنا صورة مساوية للمعدوم في تمام الماهية ، وذلك محال. لأن المعدوم نفي محض ، فكيف يعقل أن يكون الموجود مساويا له في تمام الماهية؟ وبالجملة : فالاستقصاء فيه مذكور في أول كتاب المنطق [من هذا الكتاب (٤)].
__________________
(١) من (طا ، ل).
(٢) سقط (ط).
(٣) سقط (ل).
(٤) سقط (ط). وهو يشير إلى مقدمة كتاب المطالب ..