مخصوصة ، فإن وجود تلك النقوش فيها ، يمنع من حصول نقوش غيرها فيها ، وأما النقوش العقلية فبالضد من ذلك. وذلك لأن النفس ، إذا كانت خالية عن جميع العلوم ، والإدراكات. فإنه يصعب عليها التعلم ، فإذا تعلم شيئا ، صار حصول تلك العلوم معينا على سهولة تحصيل سائر العلوم.
فالنقوش الجسمانية متعاندة متنافية ، وأما النقوش العقلية فهي متعاونة متعاضدة. لأن كل نقش [يحصل ، فإنه (١)] يسهل حصول سائر النقوش في عين ذلك المحل ، وذلك يدل على أن محل التعقلات والإدراكات ليس بجسم ولا جسماني».
واعلم : أن هذه الحجة من جنس القياسات الشعرية. وذلك لأن النقوش العقلية ، معناها : العلوم والإدراكات ، والنقوش الجسمانية ، معناها : الأشكال والصور. ولا شك أن العلوم مخالفة بماهياتها وحقائقها للصور والأشكال ، ولا يلزم من ثبوت حكم في نوع من أنواع الماهيات : ثبوته ، فيما يخالف ذلك النوع. وإذا أمكن أن يكون حصول هذا الحكم ، إنما كان بسبب اختلاف هذه الأنواع في ماهياتها ، لم يلزم منه الحكم على تلك المحال بكونها جسمانية أو مجردة.
فهذه جملة الدلائل التي وصلت إلينا في هذا الباب. وقد ظهر أنها بأسرها ضعيفة ، وأنها لا تفيد ظنا قويا ، فضلا عن الجزم واليقين [والله أعلم (٢)].
__________________
(١) من (ل).
(٢) سقط (ط).