يوهم أنه شرط ، وليس شرطا ، لأنّه لا يجوز له إذا أذنوا أن يوالى غيرهم ، وإنّما هو بمعنى التّوكيد لتحريمه ، والتّنبيه على بطلانه ، والإرشاد إلى السّبب فيه ، لأنه إذا استأذن أولياءه فى موالاة غيرهم منعوه فيمتنع. والمعنى : إن سوّلت له نفسه ذلك فليستأذنهم ، فإنّهم يمنعونه. وقد تكرر فى الحديث.
ومنه حديث الزكاة «مَوْلَى القوم منهم» الظّاهر من المذاهب والمشهور أن موالى بنى هاشم والمطّلب لا يحرم عليهم أخذ الزّكاة ؛ لانتفاء النّسب الذى به حرم على بنى هاشم والمطّلب.
وفى مذهب الشافعى على وجه أنه يحرم على الموالى أخذها ، لهذا الحديث.
ووجه الجمع بين الحديث ونفى التّحريم أنه إنّما قال هذا القول تنزيها لهم ، وبعثا على التّشبّه بسادتهم والاستنان بسنّتهم فى اجتناب مال الصّدقة الّتى هى أوساخ النّاس.
وقد تكرر ذكر «المولى» فى الحديث ، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة ، فهو الرّبّ ، والمالك ، والسّيّد ، والمنعم ، والمعتق ، والنّاصر ، والمحبّ ، والتّابع ، والجار ، وابن العمّ ، والحليف ، والعقيد ، والصّهر ، والعبد ، والمعتق ، والمنعم عليه. وأكثرها قد جاءت فى الحديث ، فيضاف كلّ واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه. وكلّ من ولى أمرا أو قام به فهو مولاه ووليّه. وقد تختلف مصادر هذه الأسماء. فَالْوَلَايَةُ بالفتح ، فى النّسب والنّصرة والمعتق. والْوِلَايَةُ بالكسر ، فى الإمارة. والولاء ، المعتق والموالاة من وَالَى القوم.
(ه س) ومنه الحديث «من كنت مولاه فعليّ مولاه» يحمل (١) على أكثر الأسماء المذكورة.
قال الشّافعى رضى الله عنه : يعنى بذلك وَلَاءَ الإسلام ، كقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ).
وقول عمر لعلىٍ «أصبحت مَوْلَى كلّ مؤمن» أى وَلِيَ كلّ مؤمن.
وقيل : سبب ذلك أنّ أسامة قال لعلىّ : لست مولاى ، إنّما مولاى رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) فى الهروى : «قال أبو العباس : أى من أحبّنى وتَوَلَّانِي فَلْيَتَوَلَّهُ. وقال ابن الأعرابى : الْوَلِيُّ : التابع المحبّ».