(س) ومنه الحديث الآخر «وكلتا يديه يَمِينٌ» أى أنّ يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال ، لا نقص فى واحدة منهما ، لأنّ الشّمال تنقص عن اليمين.
وكلّ ما جاء فى القرآن والحديث من إضافة اليد والأيدى ، واليمين وغير ذلك من أسماء الجوارح إلى الله تعالى فإنما هو على سبيل المجاز والاستعارة. والله منزّه عن التّشبيه والتّجسيم.
(س) وفى حديث صاحب القرآن «يعطى الملك بيمينه والخلد بشماله» أى يجعلان فى ملكته. فاستعار اليمين والشّمال ؛ لأن الأخذ والقبض بهما.
(ه) وفى حديث عمر ، وذكر ما كان فيه من الفقر فى الجاهليّة ، وأنه وأختا له خرجا يرعيان ناضحا لهما قال «لقد ألبستنا أمّنا نقبتها وزوّدتنا يمينتيها من الهبيد كلّ يوم» قال أبو عبيد : هذا (١) الكلام عندى «يُمَيِّنَيْهَا» بالتّشديد ، لأنّه تصغير يمين ، وهو يميّن ، بلا هاء. أراد أنّها أعطت كلّ واحد منهما كفّا بيمينها.
وقال غيره : إنّما اللّفظة مخفّفة ، على أنّه تثنية يَمْنَة. يقال : أعطى يمنة ويسرة ، إذا أعطاه بيده مبسوطة ، فإن أعطاه بها مقبوضة قيل : أعطاه قبضة.
قال الأزهرى : هذا هو الصحيح. وهما تصغير يَمْنَتَيْنِ (٢). أراد أنّها أعطت كلّ واحد منهما يمنة.
وقال الزمخشرى : «الْيُمَيْنَة : تصغير اليمين على التّرخيم ، أو تصغير يَمْنَة» يعنى كما تقدم.
(ه) وفى تفسير سعيد بن جبير «فى قوله تعالى (كهيعص) هو كاف هاد يمين ، عزيز صادق» أراد الياء من يمين. وهو من قولك : يَمَنَ الله الإنسان يَيْمُنُهُ (٣) يَمْناً ، فهو مَيْمُونٌ. والله يَامِنٌ ويَمِينٌ ، كقادر وقدير.
__________________
(١) فى الهروى واللسان : «وجه الكلام».
(٢) فى الأصل : «يمينتين» وفى الهروى : «يمينين» وفى اللسان : «يمنتيها» وأثبتّ ما فى ا ، والنسخة ٥١٧. غير أن الياء فيهما مضمومة.
وجاء فى الصحاح فى شرح هذا الحديث : «فيقال : إنه أراد بيمنتيها تصغير يمنى ، فأبدل من الياء الأولى تاء ، إذ كانتا للتأنيث».
(٣) فى الأصل : «ييمنه» بفتح الميم. وأثبته بضمها من ا. وهو من باب قتل ، كما ذكر فى المصباح.