هذه الآيات تتضمن النتائج التي تترتب على اختيار الناس لطريقهم بأسلوب إنذاري للجاحدين وتطمين تبشيري للصالحين. فقد أعدّ الله للأولين السلاسل والقيود والنار. أما الآخرون فلهم النعيم والتكريم في الجنات والأشربة اللذيذة التي يكون مزيجها الكافور.
والمتبادر أن مزج الشراب بالكافور مما كان مألوفا عند المترفين ومرغوبا فيه ، فذكر ذلك جريا على مألوف النظم القرآني في ذكر أوصاف العذاب والنعيم الأخروي بما اعتاده السامعون ، مع واجب الإيمان بحقيقة الخبر القرآني الغيبي.
(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩) إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠)) [٧ ـ ١٠]
(١) مستطيرا : منتشرا أو واسعا أو شاملا.
(٢) على حبّه : على شدّة الحاجة إليه والرغبة فيه.
(٣) أسيرا : هي في أصلها الذي يؤسر في الحرب من الأعداء وقد تكون هنا بمعنى المملوك لأن غالبية المملوكين هم من أسرى الحرب حيث جرت العادة على استرقاق الغالب الأسرى.
(٤) عبوسا : شديد الوطأة أو شديد التجهم والظلام.
(٥) قمطريرا : شديد الكرب أو مثيرا للفزع.
والآيات متصلة بالسياق. وفيها وصف للأبرار الذين ذكرت الآية السابقة ما أعدّه الله لهم من نعيم وشراب لذيذ في الآخرة وحكاية لأقوالهم بسبيل التنويه ، فهم يوفون بما ينذرونه على أنفسهم من أعمال بارّة. ويخشون عذاب يوم الآخرة وشرّه العظيمين. ويطعمون الطعام على شدّة حاجتهم إليه المساكين والأيتام والأرقاء ولسان حالهم يهتف بأنهم يطعمونهم دون انتظار شكر وجزاء منهم. وإنما ابتغاء